قال: أو رَضِيَتْ بنو عبدِ مَناف، وبنُو مخزوم؟ قالوا: نعم. قال: ذلكَ فضلُ اللَّهِ يؤتيه مَن يشاءُ، أو كما قال.
ولهذا جاء أبو سفيان إلى عليٍّ فقال: أرضيتُمْ أن يكون هذا الأمر في بني تَيْم؟ !
فقال: يا أبا سفيان، إنَّ أمْرَ الإسلام ليسَ كأمْرِ الجاهلية، أو كما قال.
فإذا كان المسلمون كلُّهم ليس فيهم مَنْ قال: إنَّ فاطمة - رضي الله عنها - مَظلومة، ولا أنَّ لها حقَّاً عند أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ولا أنَّهُما ظلمَاهَا، ولا تكلَّمَ أحَدٌ في هذا بكلمةٍ واحِدَةٍ؛ دَلَّ ذلكَ على أنَّ القومَ كانوا يعلَمُونَ أنَّها ليستْ مظلومَةً، إذْ لَوْ علِمُوا أنَّها مظلومةٌ لكانَ تركَهُم لنُصْرَتِها:
إمَّا عجْزَاً عن نُصْرَتِها،
وإمَّا إهمالاً وإضاعَةً لحَقِّهَا،
وإما بُغضَاً فيها،
إذْ الفِعْلُ الذي يقدِرُ عليه الإنسانُ إذا أرادَه إرادَةً جازِمَةً؛ فَعَلَهُ لا محَالَة، فإذا لم يُرِدْهُ ـ مع قيامِ المقتضِي لإرَادَتِهِ ـ فإما أن يكونَ جاهِلاً به، أوْ لهُ مُعارِضٌ يمنَعُهُ مِن إرادَتِهِ، فلَو كانتْ مَظلُومَةً مَعَ شَرَفِهَا، وشَرَفِ قَبِيْلَتِهَا، وأقَارِبِهَا، وأنَّ أبَاهَا أفضَلُ الخَلْقِ وأحبُّهُمْ إلى أُمَّتِهِ، وهُم يعلَمُونَ أنَّهَا مَظْلُومَةٌ، لكانوا إمَّا عاجِزين عن نُصْرَتِهَا، وإمَّا أن يكون لهم مُعارِضٌ عارَض إرادةَ النصر مِن بُغْضِهَا، وكِلا الأمرين بَاطِلٌ؛ فإنَّ القومَ ما كانوا كلُّهم عاجزين أنْ