يتكلَّم واحِدٌ منهم بكَلِمَةِ حَقٍّ، وهُمْ كانوا أقدَرَ عَلَى تغْيِير مَا هُوَ أعظَمُ مِنْ هذَا.
وأبو بكر لمْ يكن ممتنِعَاً مِن سماعِ كلامِ أحَدٍ منهم، ولا هُوَ معروفاً بالظلم والجبروت.
واتِّفَاقُ هؤلاءِ كلِّهِم، معَ تَوفُّرِ دواعِيهِم على بُغْضِ فَاطِمَةَ، مع قيام الأسباب الموجِبَةِ لمحبَّتِهَا؛ مما يُعلم بالضرورة امتِنَاعُهُ.
وكذلك عليٌّ - رضي الله عنه - لا سِيَّمَا وجُمهُورُ قريشٍ، والأنصارِ، والمسلمين، لم يكُن لعليٍّ إلى أحَدٍ منهم إساءَةٌ، لَا في الجاهلية، ولا في الإسلام، ولا قتَلَ أحدَاً مِن أقاربِهِم، فإنَّ الذينَ قتَلَهُمْ عَليٌّ لمْ يكُونُوا مِن أكبَرِ القَبَائِلِ، ومَا مِن أحَدٍ مِن الصحابةِ إلا وقَدْ قتَلَ أيضَاً.
وكان عمرُ - رضي الله عنه - أشدَّ على الكفار، وأكثرَ عدَاوةً لهم مِن عَلي، فكلامُهُمْ فِيه، وعداوتُهُمْ له مَعروفةٌ، ومع هذا تولَّى عَلَيْهِم، فما مَاتَ إلا وكلُّهم يُثْنِي عليه خَيراً، ويدْعُو لَهُ، ويتوَجَّعُ لمصَابِ المسلمين بِهِ.
وهذا وغيرُه مما يُبيِّنُ أنَّ الأمرَ على نقيض ما تقولُه الرافضةُ من أكاذيبهم، وأنَّ القومَ كانوا يعلمونَ أنَّ فاطمةَ لمْ تكُنْ مظلومةً أصلاً.
فكَيفَ ينتصرُ القومُ لعثمانَ حتَّى سفكُوا دماءَهم، ولا ينتَصِرُونَ لمنْ هُوَ أحبُّ إليهم مِن عثمان، وهُوَ رسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأهلِ بَيتِه؟ !