للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه المسألةُ ـ محل البحث ـ هي في المرويات التي تُستنكر بأي نوع من أنواع النكارة، أو الشذوذ عن سائر المنقولات التاريخية، وغنيٌّ عن البيان أنَّ طائفةً من الجهلة لا يرون إنكار شئ أبداً مما يرد في كُتُب السيرة، أو التاريخ، ويرون أنْ نقبلَه كما هُوَ، دون أن نفحَصَ ما يحتاجُ إلى فَحْصٍ، وفي هذه الطائفة يقول عنهم العلامة المحدِّث: ناصر الألباني - رحمه الله -: (وقد يظنُّ بعضُهم أنَّ كلَّ ما يُروى في كتب التاريخ والسيرة، أنَّ ذلك صارَ جزءاً لا يتجَزَّأ من التاريخ الإسلامي، لا يجوزُ إنكار شيء منه!

وهذا جهلٌ فاضِحٌ، وتَنكُّرٌ بالغٌ للتاريخ الإسلامي الرائع، الذي يَتميَّز عن تواريخ الأمم الأخرى بأنه هو وَحدَه الذي يملِكُ الوسيلةَ العلميةَ لِتمييزِ ما صَحَّ منهُ مما لم يَصِح، وهي نفسُ الوسيلةِ التي يُميَّزُ بها الحديثُ الصحيحُ من الضعيف، ألا وهُو الإسنادُ الذي قال فيه بَعضُ السلف: لولا الإسنادُ لقال مَن شاء ما شاء.

ولذلك لما فقدَتْ الأممُ الأخرى هذه الوسيلةَ العُظمَى؛ امتلأَ تاريخُها بالسخافاتِ والخرافات، ولا نذهَبْ بالقرَّاء بعيداً، فهذهِ كتبُهم التي يُسمُّونها بالكُتب المقدَّسَة، اختلَطَ فيها الحابِل بالنَّابِل، فلا يستطيعونَ تمييزَ الصحيحِ من الضعيف مما فيها من الشرائع المنزَّلَةِ على أنبيائهِم، ولا معرفةَ شيءٍ من تاريخِ حياتِهم، أبدَ الدَّهْر، فهم لا يَزالون في ضلالهم يعمَهُون، وفي دياجير الظلام يتِيهُون!

<<  <  ج: ص:  >  >>