للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتواطآ على اختلاقِه، وعُلِمَ أنَّ مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتِّفَاقاً بِلا قَصدٍ؛ عُلِمَ أنَّه صحيحٌ (١)، مثل: شخص يحدِّثُ عن واقِعَةٍ جَرَت، ويذكُرُ تفاصيلَ ما فِيهَا من الأقوال والأفعال، ويأتي شخْصٌ آخَرُ قدْ عُلِمَ أنه لمْ يُواطِئَ الأول، فيذكرُ مثلَ مَا ذكرَهُ الأوَّل من تفاصيل الأقوال والأفعال؛ فيُعلَم قطعاً أن تِلك الواقعةَ حَقٌّ في الجملة؛ فإنه لو كان كلُّ منهما كَذَبَهَا عَمْدَاً أو خطأً؛ لم يتَّفِق في العَادة أنْ يأتيَ كُلٌّ منهما بتلك التفاصيل التي تمنَعُ العَادةُ اتِّفَاق الاثنين عليها بلا مُواطَأة من أحدهما لصاحبه، فإن الرجُلَ قد يتَّفِق أن ينْظِمَ بيتاً، وينظمَ الآخرُ مثلَه؛ أو يكذبَ كذبةً، ويكذِبَ الآخرُ مثلَهَا؛ أمَّا إذا أنشأَ قصِيدَةً طويلةً ذاتَ فنونٍ على قافيةٍ ورَوِيٍّ، فَلَمْ تجرِ العادَةُ بأنَّ غيرَهُ يُنْشِئُ مثلَها لفظاً ومَعْنَى، مع الطُّولِ المفْرِطِ؛ بلْ يُعلَمُ بالعادَة أنَّه أخذَهَا منه.

وكذلك إذا حدَّث حديثاً طويلاً فيهِ فُنونٌ، وحدَّثَ آخرُ بمثلِهِ، فإنه إمَّا أنْ يكونَ واطأَهُ عليه، أو أخذَهُ منه، أو يكونَ الحديثُ صِدْقاً.

وبهذه الطريق يُعلَمُ صِدقُ عامَّةِ مَا تتعدد جهاتِهُ المختلفة على هذا الوجه من المنقولات (٢)، وإن لمْ يكنْ أحدُها كافياً، إما لإرساله، وإما لضعف ناقله.


(١) وانظر: «منهاج السنة النبوية» (٧/ ٤٣٥ ـ ٤٣٦).
(٢) وانظر: «منهاج السنة النبوية» (٧/ ٤٣٧ ـ ٤٤٢)، و «الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح» (٦/ ٤٨١ ـ ٤٩٦)، «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>