لم يكن ممن يتعمَّدُ الكذبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضلاً عمن هو فوقهم؛ كما يعلمُ الرجلُ مِن حالِ مَنْ جرَّبَهُ وخَبَرَهُ خِبْرَةً باطنةً طويلةً أنّه ليسَ ممن يسْرقُ أموالَ الناس، ويقطع الطريق، ويشهد بالزور، ونحو ذلك.
وكذلك التابعون بالمدينة، ومكة، والشام، والبصرة، فإنَّ مَن عرَفَ مثلَ أبي صالح السمَّان، والأعرج، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وأمثالهم؛ عَلِمَ قطعاً أنهم لمْ يكونوا ممَّن يتعمَّدُ الكذِبَ في الحديث ... ). (١)
ومما سبق في كلام الإمام ابن تيمية - رحمه الله - يتبين رجحان قبول المراسيل والمنقولات التاريخية إذا تعدَّدَتْ طُرُقُهَا، وسَلِمَ رجالها مِن الكَذِبِ، وكان فيها من التفصِيل ما لايمكن في العَادَةِ التَواطُؤ عَلَيْه.
ونجد للأئمة - رحمهم الله - نقداً في بعض مرويات السيرة النبوية، وكذا التاريخية، فكيف لاتُنْقَد المرويات عن الصحابة، ومَن بعدهم، خاصة إن كان لها تعلُّق بآل البيت؛ لكثرة ما وضعت الرافضة في سيرهم وفضائلهم؛ ... أو تضمنت أمراً منكراً، ومخالفاً للثابت المعروف، أو جرحاً في أحد الصحابة، وخيار سلف الأمة.
(١) «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص ٦٢) = «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» (١٣/ ٣٤٧ ـ ٣٤٩)، وشروح المقدمة السابقة: شرح الشيخ: ابن عثيمين ... (ص ٦٨)، وشرح د. مساعد الطيار (ص ١٨٤)، وشرح الشيخ: صالح آل الشيخ ... (ص ٧٤).