- وإذا جئتُ للآثار الموقوفة على الصحابة - رضي الله عنهم -:
١. فإنَّ منها ما يكون له علاقة بالأحكام، كفتاواهم وأقضيتهم، فإذا كنتُ سأعتمدُ على قول صحابي في مسألة لا نصَّ فيها ـ على سبيل المثال ـ، فسأحتاطُ في نَقدِها وفْقَ مَنهَجِ نقْدِ أحاديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا بُدَّ من ذلك فيها.
أما إذا كانت المسألةُ فيها نصٌّ صَريحٌ، فإنَّ إيراد أقوال الصحابة بعد ذلك يكون استئناساً وتأكيداً لِصِحَّةِ فَهْمِنَا لذلك النص، فإنْ نَقَدْنَا ذلكَ الخبرَ بالاحتياط المذكور آنفاً، فهو حَسَنٌ، وإنْ لم نفعل ذلك، فالأمرُ واسِعٌ، ولن نَضُرَّ المسألةَ العلميةَ شيئاً، لِوُرود النص فيها.
٢. ومنها ما يكون من باب الأخبارِ التاريخية: كأخبار الفتوح، والغزوات، ونحوها، وهذه حُكمُها حُكْمُ السيرةِ النبويةِ.
٣. فإنْ جئنَا لأخبار ما وقع بينهم في الفتنة، فواجب حينها أن تُنقَد بالاحتياط المذكور لأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز غير ذلك؛ وذلك اتِّسَاقَاً مع الضابطِ الكُلِّي الذي وضعناه آنفاً، وليس استثناءً ـ خارجاً عن القانون ـ؛ حيثُ إنَّ أخبار الفتنةِ ليسَتْ أخباراً مجرَّدةً لا ينبني عليها أحكامٌ على أشخاص، بل هي أخبارٌ إذا ذُكِرَتْ لابُدَّ أن تتركَ في النفوس أحكاماً على الأشخاص بالصواب أو الخطأ، وربما بالعدالة أو الفسق عند بعض الأقوام،