وهؤلاء الأشخاص الذين ستُصْدِرُ عليهم تلك الأحكام هم أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - و - رضي الله عنهم - أجمعين، وهم مَنْ سبقَ لهم مِنْ الله تعالى ورسُولِه الثناءُ والحكمُ بالعدالة؛ فلابُدَّ من تمحيصِ تلكَ الأخبارِ؛ خَاصَةً أنها أيضاً كانت مجالاً رحباً لأصحابِ الأهواءِ وأمراضِ النفوس من أهل الغِلِّ والحِقْدِ على دينِ الله تعالى، وعلى أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - للتقوِّلِ والافتراء عليهم.
على أنه يُمْكِنُ أنْ نُعَامِل الأخبار المتعلِّقَةِ بالفتنة، أو ما كان بنحوها بمنهج وسَط، وهُو أنه إذا ثَبَتَ عندنا ـ بالمنهج الحديثي المحتَاط ـ أصلُ خبرٍ من الأخبار، أن نُتَمِّمَ جوانبَ هذا الخبر بتفاصِيلَ مِن بقيةِ الأخبار، بشرط أن لا يكون في تفاصيلِ تلك الأخبار شئٌ يُعارِض الحكمَ الثابتَ لأصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من الخيرية والعدالةِ والفَضلِ، وأن لا يُعارِض أصلَ الخبرِ الثابتِ أيضاً.
وذكر د. العوني مثالاً على ذلك، ثم قال:
- فإذا جئنَا لأخبارٍ تاريخيةٍ بعدَ ذلك، مما وقع في القرن الهجري الثاني، أو الثالث:
فالأصل فيها: إمرارُها والاستفادةُ منها دون نَقْدٍ حَدِيثيِّ مُحتَاطٍ، إلا إذا أراد أحدٌ أن يُصدِرَ حُكْماً دينياً على شَخْصٍ من الأشخَاصِ له حُرْمَةٌ دِينِيَّةٌ،