وأختمُ بنَصٍّ نَفِيسٍ لمنظِّر المؤرِّخين: ابنِ خلدون (ت ٨٠٨ هـ) - رحمه الله - حيث قال:
(فضلُ علمِ التاريخ، وتحقيقُ مذاهِبه، والإلماعُ لما يَعرِض للمؤرخين من المغالط، وذِكرُ شيءٍ من أسبابها.
اعلَمْ أنَّ فنَّ التّأريخ فنٌّ عزيزُ المَذهبِ، جمُّ الفوائد، شريفُ الغاية؛ إذْ هو يُوقِفُنَا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سِيَرهم، والملوك في دُوَلِهم وسياستهم. حتّى تتمَّ فائدةُ الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدِّين والدُّنيا.
فهو محتَاجٌ إلى مآخِذَ مُتعَدِّدةٍ، ومَعَارِفَ مُتنوَّعةٍ، وحُسْنِ نَظَرٍ وتَثبُّتٍ يفضيان بصاحبهما إلى الحقِّ، ويُنَكِّبَان بهِ عن المزَلَّات والمغَالِطِ؛ لأنَّ الأخبارَ إذا
(١) «نقد أسانيد الأخبار التاريخية» د. حاتم بن عارف العوني، بحث نُشر بتاريخ ... (٩/ ١/ ١٤٢٣ هـ)، وهو ضمن كتابِه: «إضاءات بحثية في علوم السنة النبوية وبعض المسائل الشرعية» (ص ١٤٩ ـ ١٥٣).