٣. والوسط: إعمالُ النقدِ العلمي الحديثي المُمَيَّز وقَبولُهُ على ما يُستنكَر فقط، بأي نوعٍ من أنواع النكارة العلمية المذكورة في كتبِ علمِ الحديث، وتطبيقاتِهم العملية، أو المستنكرة عند علماء التاريخ وفق ضوابطهم العلمية النقدية. ويُعمَل أيضاً عند الترجيح بين الروايات المتعارضة.
وأهلُ الحديث يقبلون من الرجال الرواة في علم التاريخ ما لا يقبلونه في الحديث ـ كما سبق ذكر نماذج منهم ـ.
وعليه، فلا يلزم من إعمال النقد الحديثي لإسناد الرواية التاريخية ... ـ الضعيفة حديثياً ـ عدم القبول؛ فلا تعارض بين أن نقول عن رواية تاريخية: إسنادها مرسل، أو فيها راوٍ ضعيف، أو مدلِّس، ومع ضعفها حديثياً إلا أنها تُقبَل، لأنها رواية تاريخية، ولعدم وجود ما يُنكر فيها، ولوجود قرائن تاريخية مؤيدة لها ... إلخ.
ولإظهار العمل الحديثي في الرواية التاريخية فوائد، منها:
أنه قد تظهر فيما بعد ـ في المسألة التاريخية ـ روايات، أو أقاويل أخرى، يحتاج المؤلِّف أو القارئ إلى الموازنة والترجيح. فالأحسن إعمالُ وبيان حال الرواية المسندة التاريخية بالمنهج الحديثي مطلقاً في الدراسات والبحوث؛ للعلم والمعرفة.
أما القبول أو الرد، والموازنة والاعتبار بكلام المؤرِّخين، فهي مسألة تالية للنظر الحديثي، فيُجمَعُ بين الأمرين ـ والعلمُ عند الله تعالى ـ.