أبو بكر عليها ذلك، وقال: لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملتُ به، إني أخشى إن تركتُ شيئاً من أمرِهِ أن أزيغ. فأما صدقَتُه بالمدينة فدفَعَها عمرُ إلى عليٍّ وعَبَّاس، فغَلَبَ عليٌّ عليها. وأما خيبر وفدك فأمسَكَهَا عُمَرُ، وقال: هما صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرُهَا إلى مَنْ وَلِيَ الأمر. قال: فهما على ذلك إلى اليوم. (١)
فهذه الأحاديث الثابتة المعروفة عند أهل العلم، وفيها ما يُبَيِّنُ أن فاطمة - رضي الله عنها - طلَبَتْ ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما كانت تعرف من المواريث، فأُخبِرتْ بما كان من رسول الله؛ فَسَلَّمَتْ ورَجَعَتْ، فكيف تطلبها ميراثاً وهي تدَّعِيْهَا مُلْكَاً بالعطيَّةِ؟ ! هذا ما لا معنى فيه.
وقد كان ينبغي لصاحب الكتاب أن يتدبر، ولا نحتج بما يوجد في الأحاديث الثابتة لرده وإبانة الغلط فيه، ولكن حبّك الشيء يُعمي ويُصِم.
وقد روي عن أنس أن أبا بكر قال لفاطمة ــ وقد قرأت عليه ــ إني أقرأ مثل ما قرأت، ولا يبلغن علمي أن يكون قاله كله. قالت فاطمة: هو لك ولقرابتك؟ قال: لا، وأنت عندي مصدَّقَة أمينة، فإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إليك في هذا، أو وعدك فيه موعداً، أو أوجبه لكم حقَّاً
(١) «صحيح البخاري» رقم (٣٠٩٢). وانظر: «صحيح مسلم» رقم (١٧٥٩).