لهما من الخادم، وأنَّ أمرَ الآخرة أولى بهما من الدنيا.
وامتنعَ مِن الدخول إليها حين قدم من تبوك ـ وقد بدأَ بها كما كان يفعل إذا قدِمَ مِن سَفَرٍ ـ مِن أجل مُقَيْنِعَة صبغَتْهَا بشيء من زعفران، وسِتْرٍ اتخذَتْهُ وبِسَاطٍ، حتَّى نزعَتْ ذلك، ولَبِسَتْ أطمارَها؛ فدَخَلَ إليها، وقال:«كذلك كوني فداك أبي وأمي».
وامتنعَ في الحديث الآخر من الدخول إليها من أجل مَسْحٍ أو سِتْرٍ وقُلْبَيْنِ من فِضَّةٍ حلَّتْ بهما الحسن والحسين، وفَجَعَهُمَا بهما وهما يبكيان على القُلْبَيْن، وبَعث بذلك إلى أهل بيتٍ بالمدينة وقال:«إنَّ هؤلاء أهل بيتي، أكرَهُ أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، يا ثوبان، اشتَرْ لفاطمة قلادة من عَصبٍ وسِوَارَين من عَاج». (١)
فكيف يمنعُهَا القليلَ الحقِيرَ مِن أمرِ الدنيا، ولا يرضاه لها، ويقطعُهَا فَدَكَ؟ !
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله - عز وجل - أن يجعلَ رِزْقَ آل محمد قُوْتَاً، فكيف كانت هذه دعوتُه ومسألتُه ربَّه لهم، ويزعم هؤلاء أنه اتَّخَذَ الأموال الجليلة لنفسِه وابنتِه؟ !
وقد برأه الله - عز وجل - من ذلك، فأعرضَ عن الدنيا، فلم يلْتَفِتْ إليها