وأنه - صلى الله عليه وسلم - ماتَ، وما تركَ دينارَاً، ولا دِرْهَمَاً، ولا عَبْدَاً، ولا وَلِيْدَةً، ولا شَاةً، ولا بعيرَاً؛ لأنَّ جميعَ ما صَارَ لهُ - صلى الله عليه وسلم - جعَلَهُ صدَقَةً، كما ثبتت به الرواية التي ذكرنا.
ولَو رَغِبَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا، لَقَبِلَ مِن خَزائنِ الأرْضِ مَا لمْ يُعْطَهُ أحَدٌ قبلَهُ، ولا يُعطَاه أحدٌ بعدَه؛ كما عُرِضَتْ عليه عَلَى أنْ لا يُنْقِصَهُ ذلك مما عندَ اللَّهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ في الآخرةِ شيئَاً، وجعلَ ذلك لنفسِه وابنَتِهِ وأهْلِهِ، بَلْ قال: يجمع هذا كلَّه لي في الآخرة، وجعلَ لَه بِهِ العِوضَ من ذلك:{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا}(سورة الفرقان، آية ١٠) ففي هذا أبين الحجة وأوضحها لدفع ما قالوا .. ). (١)
وقال أيضاً - رحمه الله -: (فَلْيَتَّقِ الله قومٌ، ولا يحمِلَهُمْ مَا يُريدُونَ مِن الطعنِ عَلى مَنْ تقدَّمَ مِنْ الأئمةِ أنْ يُخرِجَهُمْ ذلكَ إلى الطعنِ عَلى رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -! ! يُثبِتُوا كما زَعَمُوا بقولهم أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان نَبيَّاً مَلِكَاً، لا نَبيَّاً زاهِدَاً! لأنه متى ثبتَ قولُهم فيما ذكروا، مما حوَاهُ لنفسهِ، وتركَهُ مِيراثَاً، وأنكروا أنْ يكونَ تركَهُ صدَقَةً، وخرَجَ مِنهُ للَّهِ - عز وجل -، حتَّى خَلَّفَ خَيبَر مع
(١) «تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسبل التي وجهها فيها» لحماد بن إسحاق (ص ٩٠ ـ ٩٣).