للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاهتمام، في أُوقِيَّةٍ تبقَى عنده، ويقول: «هذه التي فعَلَتْ ما تَرَيْنَ يا عائشة، إنِّي خشيتُ أن يَحدُثَ أمرٌ مِن أمرِ الله، ولم أُمْضِهَا».

ويقول لبلال في أوقيتين، أو أوقية ونصف فضُلَتْ عندَه: «انظُر أنْ تُريحَنِي منها، فإني لستُ داخِلاً على أحَدٍ مِن أهلي حتَّى تُريحَنِي منه».

وأقام في المسجد يومين وليلة لا يدخل منزلاً حتَّى أنفذَهَا بلال، فكبَّر وحمِدَ اللهَ؛ شفَقَاً من أن يُدرِكَهُ الموتُ وعنده ذلك، ثمَّ دخلَ إلى أزواجه ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «ما يَسُرُّنِي أنَّ أحداً تحول لآل محمدٍ ذهبَاً أُنفِقُهُ في سبيل الله، أموتُ يومَ أمُوتُ وأدعُ منه دينَارَين، إلا دينارَين أُعدُّهُمَا لِدَيْنٍ إنْ كان».

وإذ كان رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا يسرُّه أنْ ينفِقَ مثلَ أُحُدٍ ذهبَاً في سبيل الله، والحسنةُ في سبيل اللَّهِ بسبعِ مئةِ ضِعْفٍ قال الله - عز وجل -: ... {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ ... حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ ... سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ ... لِمَنْ يَشَاءُ} (سورة البقرة، آية ٢٦١) على أن يبقى له من ذلك ديناران إلا لغريم، فكيف يحوز الأموال الكثيرة على ما زعموا لنفسه وابنته؟ ! وهُوَ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تتخذوا الضَّيْعَةَ، فترغبوا في الدنيا».

ينهاهم عن ذلك ويُقَلِّلُ الدنيا في أعينهم، ويُزَهِّدَهُم فيها، وهي في عينِهِ - صلى الله عليه وسلم - أقلَّ، وهُوَ فيها أزْهَدُ، ثمَّ يتخِذُ كمَا زعَمُوا هذه الضياعَ الكثيرةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>