للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ محمدٌ: مَنْ جَمَعَ رَمْي يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ مِنْ عِلّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلّة فَلا


وأمرهم أن يرموا يوم النحر بعد طلوع الشمس كما لسائر الحجاج، ثم يرمُون، أي إذا رَمُوا يوم النحر أجاز لهم أن يذهبوا من منى، ويقيموا خارحين عنه، ثم يجيئوا في اليوم الحادي عشر، فيرمون من الغد، أي اليوم الحادي عشر أو من بعد الغد أن لا يرموا يوم الحادي عشر بل يدخلوا في منى في اليوم الثاني عشر فيرموا فيه ليومين للحادي عشر قضاءً وللثاني عشر أداءً، ثم يرمون يوم النفر - بالفتح ثم السكون - أي يوم الانصرف من منى. وهو اليوم الثالث عشر - وهو يوم النفر الثاني ويُستحب ذلك. ومن تعجل فنفر في الثاني عشر فلا إثم عليه كما قال الله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} (سورة البقرة: الآية ٢٠٣) وعلى هذا التقرير الذي ذكرنا يكون رخصتهم لأمرين، أحدهما: ترك البيتوتة، وثانيهما: جواز جمع رمي يومين في يوم واحد، ويمكن أن يكون المراد بقوله يرمون يوم النحر: رَمْيَ يوم النحر في ليلته فيكون رخصة ثالثة، كما أخرج الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يرموا ليلاً، وعند الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا ليلاً وأيّ ساعة شاؤوا من النهار، ونحوه أخرجه البرّاز من حديث ابن عمرو. بهذا استند الشافعي في أنّ أوّل وقت الرمي يوم النحر بعد نصف ليلته وعندنا وقته بعد طلوع الفجر لحديث ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه صبيحة جَمْع أن يفيضوا مع أول الفجر سواداً ولا يرموا الجمرة إلاَ مصبحين، أخرجه الطحاوي. وعنه أنه عليه السلام كان يقدم ضعفة أهله من المزدلفة بغَلَس ويأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، أخرجه الأربعة. وهذا بيان الوقت الأفضل، وما مرّ من الأحاديث محمول عندنا على رمي الأيام الباقية فإنها جائزة ليلاً، ولو سلمنا أن المراد به ليلة العيد فهو أمر ضروري ثبت رخصةً للرعاء والضعفاء فلا يكون حجًّةً لتعيين الوقت، كذا في " البناية".

<<  <  ج: ص:  >  >>