للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت (١) : ثلِّثْ.


والدارقطني والبيهقي وابن حبان هذا الحديثَ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سَبعٌ للبكر وثلاث للثيب. واعتذر أصحاب مالك عن حديث أم سلمة الدال صريحاً على التخيير بأن مالكاً رأى ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خُصَّ في النكاح بخصائص فاحتمال الخصوصية مَنَع من الأخذ به، وفيه ضعفٌ ظاهر لأن مجرد الاحتمال لا يمنع الاستدلال، وقال أصحابنا الحنفية: لا فرق بين الجديدة والقديمة ولا بين البكر والثيبة، بل يجب القسم على السوية بينهن يوماً يوماً لإِطلاق قوله تعالى: {ولَنْ تَستَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَين النِّسَاءِ ولو حَرَصْتُم فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيلِ} (سورة النساء: الآية ١٢٩) ، وقوله تعالى: {فإنْ خِفْتُم ألا تَعدِلُوا فَواحدة أو مَا ملكتْ أَيمَانُكُم} (سورة النساء: الآية ٣) ، وإطلاق ما روى أصحاب السنن الأربعة عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل ويقول: اللَّهم هذا قَسْمي فيما أملك فلا تَلُمْني فيما تملك ولا أملك يعني القلب أي زيادة المحبة. فظاهره أنَّ ماعداه داخل تحت ملكه فتجب السوية فيه، ولما روى أصحاب السنن وأحمد والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعاً، من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقّه مائل. فظاهر هذه النصوص يقتضي التسوية من غير فصل، فإن سبَّع عند الجديدة سبَّع عند غيرها، وإن ثلَّث عندها ثلث عند غيرها، ولا حق لها في الزيادة بكراً كانت أم ثيباً، كذا قرره ابن الهمام وغيره. وعلى هذا حملوا حديث أم سلمة، وقالوا: معنى دُرتُ: الدوران عند البقية بالثلاث ليحصل المساواة إلاَّ أنه خلاف الظاهر، وخلاف ما أخرجه النسائي والدارقطني بطريق فيه الواقدي: أنه قال لأم سلمة: إن شئتِ أقمتُ عندك ثلاثاً خالصةً لك، وإن شئتِ سبَّعتُ لك وسبَّعت لنسائي.
(١) قوله: قالت: ثلاث، قال القاضي عياض: اختارت التثليث مع أخذها

<<  <  ج: ص:  >  >>