(١) قوله: الأيِّم، بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة، كل امرأة لا زوج لها صغيرةً أو كبيرةً، بكراً أو ثيِّباً، حكاه الحربي وغيره. واختلفوا في المراد به ههنا، فقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: المراد ههنا هو المعنى اللغوي ثيباً كان أو بكراً بالغة، فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان العقد. وتُعُقِّب بأنه لو كان كذلك لما كان لفصل الأيِّم من البكر معنى، وقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد منه الثيِّب المتوفى عنها، أو المطلَّقة لرواية أخرى بلفظ: "الثيب" مكان "الأيم"، كذا في "شرح الزرقاني" وغيره. (٢) قوله: أحق بنفسها، لفظة أحقُّ للمشاركة أي أنَّ لها في نفسها حقاً ولوليها، وحقها آكد من حقه، كذا قال النووي، وقال عياض: يحتمل أن المراد أحق في كل شيء من عقدٍ وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضى أن لا تزوَّج حتى تنطق بالإِذن بخلاف البكر. وفي "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي: احتج الشافعي وأحمد بما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس مرفوعاً: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها، قال ابن الجوزي في "التحقيق": وجه الدليل أنه قسم النساء قسمين، ثم خصَّ الثيب بأنها أحق من وليها، فلو أن البكر كالثيب في ترجيح حقها على حق الولي لم يكن لإِفراد الثيب معنى، فإن قالوا: قد رواه مسلم أيضاً بلفظ "الأيم" وهو مَن لا زوج لها بكراً كانت أو ثيِّباً، قلنا: المراد به الثيب، وقال في "التنقيح": لا دلالة فيه على أن البكر ليست أحق بنفسها إلاَّ من جهة المفهوم، والحنفية لا يقولون به، وعلى تقدير القول به كما هو الصحيح لا حجة فيه على إجبار كل بكر لأنه قد خالفه منطوق، وهو قوله "البكر تُستأذن" والاستيذان منافٍ للإِجبار، وإنما وقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر لأن الثيب يخطب إلى نفسها، والبكر يخطب وليها فيستأذنها.