للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ (١) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا ألوانُها؟ قَالَ: حُمْر (٢) ، قَالَ: فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَاقٍ (٣) ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (٤) فَبِمَا (٥) كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُراه (٦) نَزَعَهُ عِرْقٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فلعل ابنَك (٧) نزعه عِرق.


أي استنكرته بقلبي، ولم يرد أنه أنكر كونه ابنه بلسانه وإلا لكان تصريحاً بالنفي لا تعريضاً. انظر بذل المجهود ١٠/٤١٩) .
(٢) قوله: حُمْر، بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمر أي هي على لون الحمرة.
(٣) قوله: من أورق، أي آدم، كذا في "المُغرب" يعني أسمر اللون، وقيل: هو ما يكون فيه بياض إلى السواد ولونه يشبه الرماد.
(٤) قوله: قال فبما كان ذلك، وفي نسخة قال: فأنّى له ذلك؟ وفي رواية الصحيحين: فأَنَّى ترى ذلك جاءها؟ أي من أين جاءها هذا اللون وأبواها ليسا بهذا اللون.
(٥) أي فلِمَ كان هذا لونه أبويه خلافه.
(٦) قوله: قال أراه، أي أظنه، نزعه عِرق - بكسر العين وسكون الراء - أي قلعها وأخرجها من ألوان فحلها ولقاحها عرق، ويقال: الأصل يقال فلان له عرق في الكرم، والمعنى أن ورقها إنما جاء لأنه كان في أصوله البعيدة ما كان بهذا اللون فاختلط لونه، كذا في "شرح المشكاة" للقاري.
(٧) قوله: فلعل ابنك (قال الشوكاني: وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للأب أن ينفي ولده بمجرد كونه مخالفاً له في اللون، وقد حكى القرطبي وابن رشد الإِجماع على ذلك، وتعقَّبهما الحافظ بأن الخلاف في ذلك ثابت عند الشافعية، فقالوا: إن لم ينضم إلى المخالفة في اللون قرينة زنا لم يجز النفي، فإن اتَّهمها فأتت بولد على لون الرجل الذي اتهمها به جاز النفي على الصحيح عندهم، وعند الحنابلة يجوز النفي مع القرينة مطلقاً. بذل المجهود ١٠/٤١٨) ، أفاد الحديث عدم جواز نفي الولد بمجرد الوهم والخيال من دون دليل قوي وفيه إثبات القياس والاعتبار وضرب الأمثال.

<<  <  ج: ص:  >  >>