للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَاهَى (١) النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَارَتْ مُبَاهَاةً (٢) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: كَانَ (٣) الرَّجُلُ يَكُونُ مُحْتَاجًا فَيَذْبَحُ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ يُضَحِّي بِهَا عَنْ نَفْسِهِ، فَيَأْكُلُ ويُطعم أَهْلَهُ، فَأَمَّا شاةٌ وَاحِدَةٌ تُذبح عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ أُضْحِيَةٌ (٤) فَهَذَا لا يُجْزِئُ، وَلا يَجُوزُ شَاةٌ إِلا عَنِ الْوَاحِدِ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.


(١) أي تفاخر.
(٢) أي ثم صارت الأضحية مفاخرة يتفاخرون بها ويذبحون لكل نفس واحدة فأكثر.
(٣) قوله: كان الرجل ... إلخ، لمّا كان أثر أبي أيّوب دالاًّ على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته أوّله إلى أنه محمول على ما إذا كان الرجل محتاجاً إلى اللحم أو فقيراً لا يجب عليه الأضحية فيذبح الشاة الواحدة عن نفسه، ويُطعم اللحم أهل بيته أو يُشْركهم في الثواب، فذلك جائز، فأما الاشتراك في الشاة الواحدة في الأضحية الواجبة فلا، فإن الاشتراك خلاف القياس وإنما جُوِّز في البقر والإِبل لورود النص من طرق متكثرة أنهم اشتركوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقرة والإِبل ولا نص في الشاة فيبقى على الأصل، وأما ما أخرجه الحاكم عن أبي عقيل زهرة بن سعيد عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إليه، وهو صغير فمسح رأسه ودعا له، قال: كان رسول الله يُضَحِّي بالشاة الواحدة عن جميع أهله، قال الحاكم: صحيح الإِسناد، فلا يدلّ على وقوعه عن الجماعة، بل معناه أنه كان يُضَحِّي ويجعل ثوابها هبة لأهل بيته، وهذا كما ورد أنه ضحى كَبْشاً عن أمته. وبهذه الأخبار ذهب مالك وأحمد والليث والأَوْزاعي إلى جواز الشاة عن أكثر من واحد، كذا ذكره العيني في "البناية شرح الهداية".
(٤) أي في الأضحية الواجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>