للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَبَى (١) سَعِيدٌ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، قَالَ: لا تُقْطَعُ يدُ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَفِي (٢) كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْتَ هَذَا: إِنَّ الْعَبْدَ الآبِقَ لا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ فَأَمَرَ بِهِ (٣) ابْنُ عُمَرَ فَقُطِعَتْ يدُه.

قَالَ مُحَمَّدٌ: تُقطع يَدُ الآبِقِ وَغَيْرِ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ (٤) وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ أحدٌ إِلا الإِمام الَّذِي يَحْكُمُ (٥) ، لأَنَّهُ حدٌّ لا يقوم به إلا


(١) أي أنكر وامتنع من قطع يده.
(٢) بهمزة الاستفهام للإِنكار والتوبيخ.
(٣) قوله: فأمر به ابن عمر، لعل سعيداً ظنّ أنّ العبد الآبق لا يُقطع يده من السرقة مطلقاً من سيّده سرق أو من غيره، وذلك لأن الغالب على العبد الآبق الجوع والهلاك، ولا قطع على من سرق زمن المجاعة، كما ورد به الخبر، ورأى ابن عمر خلافه، فأمر بقطع يده لقوة دليل ما ظنه من دون أمر سعيد، وهذا موافق لما اختاره الشافعي ومالك (قال صاحب "المحلّى": وبه أخذ مالك أنه يقطع يد الآبق ولكنه قال: لا يقطع السيد يد العبد إذا أبى السلطان أن يقطعه، كذا قال الشافعي في "الأمّ". قلت: لعل مسلك ابن عمر رضي الله عنه كان أن للسيد إقامة الحد على عبده بقطع اليد في السرقة كالشافعية وإلا فقد تقدم أن المرجّح من مسلك الإِمام أحمد وهو مذهب الإِمام مالك أنه ليس للسيد قطع يد عبده في السرقة، وليس ذلك إلا إلى الإِمام، وأما الحنفية فليس عندهم للسيد حق في إقامة الحد على عبده مطلقاً، أوجز المسالك ١٣/٢٩٢) وغيرهما أن للسيد أن يقيم الحدّ على عبده بلا إذن الإِمام، وقال أصحابنا: ليس له ذلك، وقال الترمذي: القول الأول أصح، لموافقته حديثاً رواه.
(٤) أي من مال غيره، وأما إذا سرق من مال سيّده فلا، لما مرّ سابقاً.
(٥) في نسخة: إليه الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>