(١) قوله: فليكفِّر عن يمينه، أي بعد الحنث، فإنه لو قدَّم الكفارة، ثم حنث لا يجوز عندنا لأن سبب وجوب الكفارة هو الحنث لا إرادته ولا اليمين، فإنه عقد للبرّ لا للحنث، ولا يجوز تقديم الشيء على سببه، وذهب الشافعي إلى إجزاء التكفير بالمال قبل الحنث، وأما الصوم فلا يجزئ في ظاهر مذهبه، وفي وجه يجوز تقديمه أيضاً، وبه قال مالك وأحمد، كذا في "البناية". وقال الزرقاني (شرح الزرقاني ٣/٦٥) : ظاهر هذا الحديث إجزاء التكفير قبل الحنث ومنع ذلك أبو حنيفة وأصحابه، والعجب أنهم لا تجب الزكاة عندهم إلاَّ بتمام الحول، وأجازوا تقديمها قبله من غير أن يرووا مثل هذه الآثار، وأبوا من تقديم الكفارة قبل الحنث مع كثرة الرواية والحجة في السنَّة ومن خالفها محجوجٌ بها، قاله ابن عبد البر. وهذا كلام صدر عن الغفلة عن أصول الحنيفة فإن الحول عندهم إنما هو سبب لوجوب أداء الزكاة لا لوجوبه، وسببه ملك النصاب، وقالوا: لا يجوز تقديم الزكاة على ملك النصاب ويجوز بعد ملكه على الحول بخلاف الحنث فإنه سبب لوجوب الكفارة لا لوجوب أدائه حتى يجوز تقديمه، وجَعْل اليمين سبباً غير معقول، وما ذكره من كون ظاهر الحديث المذكور جواز التقديم غير مقبول، فإن الواو لمطلق الجمع لا للترتيب على الأصح. فمن أين يُفهم التقديم. وفي المقام كلام طويل. ليس هذا موضعه