للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري (١) فصاحب المتاع فيه أُسوةٌ (٢) للغُرماء (٣) .


مذهب مالك وأحمد، وسرّ الفرق أنّ ذمّة المشتري عيّنت بالفلس، فصار البيع بمنزلة من اشترى سلعة فوجد بها عيباً فله ردّها، واسترجاع شيئه، ولا ضرر على بقية الغرماء لبقاء ذمّة المشتري، وفي الموت وإن عُيِّنت الذمة أيضاً، لكنها ذهبت رأساً، فلو اختص البائع بسلعة عظُم الضرر على سائر الغرماء لخراب ذمّة الميت، ومذهب الشافعي أن البائع أحقُّ بمتاعه في الموت أيضاً لحديث أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن ابي المعتمر عمرو بن نافع عن عمر بن خلدة الزرقي، قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس، فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّما رجلٍ مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه. ورُدَّ بأنّ أبا المعتمر مجهول الحال فيكون حديث التفريق أرجح، وبأنه يحتمل أن يكون في الودائع والمغصوب ونحو ذلك، فإنه لم يذكر فيه البيع، ومذهب الحنيفية في ذلك أن صاحب المتاع ليس بأحق لا في الموت ولا في الحياة لأن المتاع بعد ما قبضه المشتري صار ملكاً خالصاً له والبائع صار أجنبياً منه كسائر أمواله، فالغرماء شركاء البائع فيه كلتا الصورتين، وإن لم يقبض فالبائع أحقّ لاختصاصه به، وهذا معنى واضح لولا ورد النص بالفرق، وسلفهم في ذلك عليّ رضي الله عنه، فإنّ قتادة روى عن خلاّس بن عمرو عن عليّ أنه قال: هو أسوة الغرماء إذا وجدها بعينها. وأحاديث خلاس عن عليّ ضعيفة، ورُوي مثله عن إبراهيم النَّخَعي، ومن المعلوم أن كلَّ أحدٍ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عبرة للرأي بعد ورود نصِّه، كذا حققه ابن عبد البر والزرقاني (وبسطه شيخنا في الأوجز ١١/٣٥٣) .
(١) أي المفلس الذي لم يردّ الثمن.
(٢) بالضم أي هو مساوٍ لهم، وأحد الشركاء معهم يأخذ مثل ما يأخذون ويحرم عما يحرمون.
(٣) في نسخة: الغرماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>