للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ مُحَمَّدٌ: كَانَ النَّفل لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّل مِنَ الخُمُس أهلَ الْحَاجَةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (١) : (قُل الأنفالُ للَّهِ والرسولِ) ، فأما اليوم


(١) قوله: وقد قال الله تعالى، ذكر أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في باب الغنيمة حين تشاجروا يوم بدر في تقسيمها، فالمعنى (قل الأنفال) أي الغنائم (للَّهِ والرسول) فقسمها بينهم رسول الله على السوية، يعني حكم الغنائم لله والرسول، ونزل بعد (واعلموا أنَّ ما غنمتم من شيء فإنَّ لله خُمُسَه وللرسول ولذي القُربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) . واتفقوا على أنَّ ذكر الله وقع للتبرُّك، وذهب الحنفية إلى سقوط سهم ذوي القربى بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا قالوا: أنْ لا سهم للرسول بعده، فعندهم يقسم خُمس الغنيمة على المحاويج من اليتامى وابن السبيل والمساكين، وعند طائفة من العلماء: سهمُ الرسول باقٍ يصرفه الخليفة حسبما رآه، وما بقي بعد الخُمُس يقسم على الغزاة حسب حصصهم المقرَّرة شرعاً. وذهب بعض المفسِّرين إلى أن المراد من الآية كونُ الغنائم كلِّها لله ولرسوله يصرفها إلى من يشاء ما يشاء، وقالوا: صار هذا الحكم منسوخاً بورود المصارف، ولذا أسهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر بعض من لم يحضر غزوته. وقال بعضهم: المراد بالأنفال هو الزيادات على سهم الغنيمة، وإنَّ المعنى الزيادات حكمها لله وللرسول يعطيها من يشاء لا استحقاق لهم فيها. والروايات في كل ما ذكرنا مبسوطة في " الدر المنثور" وغيره، وذَكَر أصحابنا في كتبهم أن للإِمام أن ينفِّل حالة القتال فيقول: من قتل قتيلاً فله سَلَبه، أو يقول للسريَّة: قد جعلت لكم الربع بعد الخُمس لأنه نوع تحريض على الجهاد ولا ينفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام إلا من الخمس لأنه لا حق للغانمين فيها فله الخيار فيه، وما سواه تعلّق فيه حقهم على السواء، فلا يبطل حقهم. إذا عرفتَ هذا كلَّه، فاعلم أنه لا يخلو إمّا أن يكون المراد بالنَّفَل في قول صاحب الكتاب: (كان النفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم) : الغنيمة، كما اختاره القاري، فهو بفتحتين، وحينئذٍ يكون المعنى: كانت الغنيمة للرسول خاصة، يصرفها إلى من يشاء ويعطي من يشاء ما يشاء، ويكون الآية سنداً

<<  <  ج: ص:  >  >>