للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخِ يُخبر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِ عبدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المُخَيَّر (١) ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أعلَمنا بِهِ (٢) . وَقَالَ (٣) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أمنَّ النَّاسِ (٤) عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ متَّخَذاً (٥) خَلِيلا لاتَّخذتُ أبا بكر


(١) أي بين الأمرين الدنيا والعقبى.
(٢) أي بهذا الأمر، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم وبسرّه، وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر بإقرار الصحابة.
(٣) أي في تلك الخطبة.
(٤) قوله: إن أمنَّ الناس، قال ذلك تسلية لأبي بكر، ودفعاً لحزن حصل له بخبر الرحلة النبوية، وإظهاراً لفضله على سائر الصحابة، ومعناه أن أمنَّ الناس اسم تفضيل من المنّ يعني كثير المنَّة والإِحسان عليّ في صحبته وماله أبو بكر حيث صحبه إذا لم يصحبه غيره فكان رفيقه في الغار، وأسلم حين لم يسلم أحد من الرجال، وكان له عند ذلك على ما رُوي أربعون ألفاً أنفقها كلَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لأحدٍ عندنا يدٌ إلاَّ قد كافأناه ما خلا أبا بكر فإنَّ له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة (قال الحافظ: فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره إلاَّ أن لأبي بكر رجحاناً، فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك. فتح الباري ٧/١٣) ، وما نفعني مال أحد قطٌّ ما نفعني مال أبي بكر.
(٥) قوله: ولو كنت متخذاً، قال النووي في "شرح صحيح مسلم": قال القاضي: أصل الخلَّة الافتقار والانقطاع، فخليل الله المنقطع إليه، وقيل: الخلَّة الاختصاص، وقيل: الخلَّة الاصطفاء، وقيل: الخليل من لا يسع قلبه غيره، والمعنى أن حبّ الله لم يُبْقِ في قلبه موضعاً لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>