للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيَغْسِل يَدَه (١)


= من الليل"، وكذا للترمذي من وجه آخر صحيح، ولأبي عَوَانة في روايةٍ ساق مسلمٌ إسنادَها أيضاً: "إذا قام أحدكم إلى الوضوء حين يصبح". لكن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خُصَّ نوم الليل بالذكر للغلبة، قال الرافعي في "شرح المسند": يمكن أن يقال: الكراهة في الغمس لمن نام ليلاً أشدّ منها لمن نام نهاراً، لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادةً.
ثم الأمر عند الجمهور للندب، وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار، وعنه في روايةٍ استحبابُهُ في نوم النهار.
واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء، وقال إسحاق وداود والطبري: ينجس. واستُدِلَّ لهم بما ورد من الأمر بإراقته. لكنه حديث أخرجه ابن عَدِيّ، والقرينة الصارفة للأمر عن الوجوب للجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك، لأن الشك لا يقتضي وجوباً في الحكم استصحاباً لأصل الطهارة. واستَدلَّ أبو عَوَانة على عدم الوجوب بوضوئه صلى الله عليه وسلم من الشنّ المعلَّق بعد قيامه من النوم. وتُعُقِّب بأن قوله: "أحدكم" يقتضي اختصاصَه بغيره صلى الله عليه وسلم. وأجيب بأنه صحَّ عنه غسل يديه قبل إدخالهما الإناء في حال اليقظة، فاستحبابه بعدم النومِ أَوْلى، ويكون تركه لبيان الجواز. وأيضاً فقد قال في هذا الحديث، في روايات مسلم وأبي داود وغيرهما: "فليغسِلْها ثلاثاً"، وفي رواية: "ثلاث مرات" والتقييد بالعدد في غير النجاسة العينية يدل على النَّدْبِيَّة. ووقع في رواية همّام، عن أبي هريرة عند أحمد: "فلا يضع يده في الوضوء حتى يغسِلَها" والنهيُ فيه للتنزيه. والمراد باليد ها هنا الكفّ دون مازاد عليها، كذا في "فتح الباري".
(١) قوله: فليغسل يده، في هذا الحديث من الفقه إيجاب الوضوء من النوم لقوله: "فليغسل يده قبل أن يدخلها". وهذا أمر مجمع عليه في النائم والمضطجع إذا غلب عليه النوم واستثقل نوماً أن الوضوء عليه واجب، كذا في "الاستذكار".

<<  <  ج: ص:  >  >>