للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ رَآهُ (١) يَبُولُ قَائِمًا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَالْبَوْلُ جَالِسًا أَفْضَلُ.

٩٩٥ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: ذَرُونِي (٢) مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ من


(١) قوله: أنه رآه، أي رأى عبدُ الله بن دينار ابنَ عمر يبول قائماً، ولعله كان أحياناً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان من أشد الناس اقتداءً به حتى في المباحات والاتفاقيات، وقد روى حذيفة أنه صلى الله عليه وسلم أتى سُباطة قوم فبال قائماً، أخرجه أبو داود وغيره. وروى الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً من جُرح كان بمأْبضه، وهو بهمزة ساكنة: عرق في باطن الركب. وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" عن مجاهد قال: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً إلا مرة في كثيب أعجبه. وعن الشافعي: كانت العرب تستشفي وجع الصلب بالبول قائماً. فلعله كان به إذ ذاك وجع صلب، وقيل لم يكن هناك موضع القعود فبال قائماً. وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول قائماً. وهذا كله لبيان الجواز وإلا فالعادة المستمرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هو البول قاعداً حتى قالت عائشة: مَنْ حَدّثكم أنّ رسول الله بال قائماً فلا تصدِّقوه، أخرجه النسائي والترمذي وقال: إنه أحسن شيء في الباب، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، كذا فصله السيوطي في "مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود" و "زهر الرُّبى على المجتبى" وغيرهما.
(٢) قوله: ذروني، أي اتركوني ما تركتكم ولا تتعرضوا بالتفتيش والسؤال، فإنما هلك من كان قبلكم من الأمم السابقة كبني إسرائيل بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم كما ذكر الله في كتابه في قصة البقرة وسؤال رؤية الله ودخول قرية الجبّارين وغير ذلك. فما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما لم أنه عنه فاسكتوا عنه ولا تتعرّضوا له بالسؤال والتشديد فيشدد الله عليكم. وفيه إشارة إلى أن الأصل في الأشياء الإِباحة ما لم يرد دليل المنع، وفي رواية ابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>