للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= دليل ظاهر على أن لا سبيل إلى معرفة الناسخ والمنسوخ منهما. انتهى. قلت: فيه ما فيه، فإن احتمال أن يكون طلقاً سمع هذا الحديث بعد إسلام أبي هريرة مردود بما جاء في رواية النِّسائي عن هناد، عن ملازم، نا عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، قال: خرجنا وفداً حتى قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه وصلَّينا معه، فلما قضى الصلاة جاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله ما تَرى في رجلٍ مسَّ ذَكَرَه في الصلاة؟ قال: "وهل هو إلاّ مضغة منك أو بَضعة منك". ومثله في رواية ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وغيرهما. فظاهر هذه الروايات أن سماع طلق هذا الحديث كان عند قدومه في المجلس النبوي، ومن المعلوم أن قدومه كان في السنة الأولى من الهجرة، ولم يثبت أنه قدم مرة ثانية أيضاً وسمع الحديث عند ذلك.
وتَعَقَّبَ العينيُّ في "البناية" كلامَ محيي السُّنَّة، بأن دعوى النسخ إنما يصح بعد ثبوت صحة حديث أبي هريرة ونحن لا نسلم صحته. انتهى.
وفيه أيضاً ما فيه، فإن حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم في "المستدرك" وصحَّحه، وأحمد في "مسنده" والطبراني، والبيهقي، والدارقطني، وفي سنده يزيد بن عبد الملك متكلَّم فيه، لكن ليس بحيث يُترك حديثه، مع أن حديث النقض مرويّ من طرق عن جماعة الصحابة، منهم أم حبيبة، وعائشة، وعبد الله بن عمر، وبُسْرة، وأبو أيوب، بل قد روي عن طلق بن علي راوي عدم النقض، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مسَّ ذكره فليتوضأ". أخرجه الطبراني في "معجمه"، عن الحسن بن على، عن حماد بن محمد الحنفي، عن أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه، والأَوْلى أن يُتَعَقَّب كلام محيي السُّنَّة بما في "فتح المنان" وغيره أن رواية الصحابي المتأخر الإسلام لا يستلزم تأخُّر حديثه، فيجوز أن يكون المتأخِّر سمعه من صحابي متقدم، فرواه بعد ذلك، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. =

<<  <  ج: ص:  >  >>