واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في كيفية تطهير الشيء الذي بال عليه الصبيّ، ولا خلاف في نجاسته، ونَقل بعض العلماء الإجماع على نجاسة بول الصبي، وأنه لم يخالف فيه إلاَّ داود الظاهريّ، قال الخطابيّ وغيره: وليس تجويز في جوّز النضح في الصبي من أجل أن بوله ليس بنجس، ولكنه من أجل التخفيف في إزالته، فهذا هو الصواب، وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطّال ثم القاضي عياض عن الشافعية وغيرهم أنهم قالوا بطهارة بول الصبي فيُنضح فحكاية باطلة، وأما حقيقة النضح ههنا فقد اختلف أصحابنا فيها، فذهب الشيخ أبو محمد الجويني والبغوي إلى أن معناه أن الشيء الذي أصابه البول يُغمر بالماء كسائر النجاسات بحيث لو عُصر لا يُعصر، قالوا: وإنما يخالف هذا غيره في أن غيره يُشترط عصره على أحد الوجهين وهذا لا يُشترط، وذهب إمام الحرمين والمحققون إلى أن النضح أني غمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا يبلغ جريان الماء وتقاطره، وهذا هو الصحيح المختار، ويدلّ عليه "فنضحه ولم يغسله" (انظر "شرح مسلم" للنووي (باب حكم بول الرضيع) (١/١٣٩)) . (١) قوله: عليه، لمسلم من طريق الليث عن ابن شهاب فلم يزد على أن نضح بالماء، وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب: فرشّه، وزاد أو عَوانة (في الأصل: "ابن عَوانة"، وهو خطأ) في صحيحه: "عليه". (٢) قوله: ولم يغسله، قال ابن حجر: ادّعى الأصيلي أن هذه الجملة من كلام ابن شهاب وأن الحديث انتهى عند قوله: "فنضحه"، قال: وكذلك روى معمر عن ابن شهاب، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة، قال: فرشّه، ولم يزد على ذلك.