للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَرَ بغَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وغَسْلُهما (١) جَمِيعًا أحبُّ إلينا وهو


أو حسين فبال على صدره، فجئت أغسله، فقال: يُغسل من بول الجارية ويُرشّ من بول الغلام، وللنسائي من حديث أبي السمح مثله.
فهذه الأحاديث وأمثالها تشهد بالرخصة في بول الغلام بالنضح، والفرق (في الأصل: و"الرق"، وهو خطأ) بينه وبين بول الجارية، وحَمَل أصحابُنا النضحَ والرشَّ على الصبّ الخفيف بغير مبالغة ودَلك، والغسل على الغسل مبالغة، فاستويا في الغسل. وقالوا: النضح يُستعمل في الغسل كما في حديث عليٍّ في المذي من قوله صلى الله عليه وسلم: "فينضح فرجه"، أي يغسله، ويؤيده ما روى أبو داود عن الحسن عن أمه أنها أبصرت أم سلمة تصب على بول الغلام ما لم يطعم فإذا طعم غسلَته، وكانت تغسل من بول الجارية.
(١) قوله: وغسلهما جميعاً أحب إلينا، لأنه يحتمل أن يكون المراد بالنضح صبّ الماء عليه، فقد يُسمى ذلك نضحاً، وإنما فُرِّق بينهما لأن بول الغلام يكون في موضع واحد لمخرجه، وبول الجارية يتفرَّق لسعة مخرجه، فأمر في الغلام بالنضح أي صب الماء عليه في موضع واحد، وأراد بغسل بول الجارية أن ينقع في الماء لأنه يقع في مواضع متفرقة، كذا ذكره الطحاوي وأيّده بما أخرجه عن سعيد بن المسيب أنه قال: الرش بالرش، والصب بالصب، ثم أخرج حديث عائشة وفيه: فأتبعه الماء، وقال: وإتباع الماء حكمه حكم الغسل، ألا يرى أن رجلاً لو أصاب ثوبه نجاسة فأتبعه الماء طهر ثوبه، ثم أخرج عن أم الفضل قالت: لما وُلد الحسين أتيت (في الأصل: "أتيتُه به"، والظاهر"أتيتُ") ، به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته على صدره فبال عليه، فأصاب إزاره، فقلت: يا رسول الله أعطني إزارك أغسله، فقال: إنما يُصَبّ من بول الغلام، ويغسلُ من بول الجارية، ثم قال: فثبت أن النضح أراد به الصب حتى لا يتضاد الحديثان المختلفان (انظر: "عمدة القاري" للعيني (١/٨٩٣)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>