(١) قوله: أحب، ظاهر كلامه أن الكراهة في سؤر الهرة تنزيهية، وهو ظاهر كلامه في "كتاب الآثار"، حيث روى عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في السِّنَّوْر يشرب في الإِناء، قال: هي من أهل البيت، لا بأس بشرب فضلها، فسألته أيُتطهَّر بفضلها للصلاة؟ فقال: إن الله قد رخَّص الماء. ولم يأمره ولم ينهه، ثم قال: قال أبو حنيفة: غيره أحبُّ إليَّ منه، وإن توضأ به أجزاه وإن شربه فلا بأس به، وبقول أبي حنيفة نأخذ. انتهى. وبه صرَّح جمع من أصحابنا، فقال الزاهدي في "المجتبى": الأصح أن كراهة سؤره عندهما كراهة تنزيه، وقال أبو يوسف لا يكره، وعن محمد مثله. انتهى. وقال يوسف بن عمر الصوفي في "جامع المضمَرات"، نقلاً عن الخلاصة: سؤر حشرات البيت كالحية والفأرة والسِّنَّوْر مكروه كراهة تنزيه، وهو الأصح. انتهى. وفي "البناية": اختلفوا في تعليل الكراهة، فقال الطحاوي: كون كراهة سؤر الهرة لأجل أن لحمها حرام، لأنها عُدَّتْ من السباع وهو أقرب إلى التحريم، وقال الكرخي: لأجل عدم تجانبها النجاسة، وهو يدل على أن سؤرها مكروه كراهة تنزيه، وهو الأصح والأقرب إلى موافقة الحديث. انتهى ملخَّصاً. قلت: لقد صدق في قوله إنه أقرب إلى موافقة الحديث، وأشار به إلى أن القول بعدم الكراهة أوفق بالأحاديث: