(١) قوله: فأتمّوا، فيه دليل على أن ما أدركه فهو أول صلاته، وقد ذكر في "التمهيد" من قال في هذا الحديث "فاقضوا". وهذان اللفظان تأوَّلهما العلماء في ما يدركه المصلّى من صلاته مع الإِمام هل هو أول صلاته أو آخرها؟ ولذلك اختلفت أقوالهم فيها (أوجز المسالك ٢/١٢) ، فأما مالك، فاختلفت الرواية عنه، فروى سحنون، عن جماعة من أصحاب مالك، عنه أن ما أدراك فهو أول صلاته ويقضي ما فاته، وهذا هو المشهور من مذهبه، وهو قول الأَوْزاعي والشافعي ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل، وداود والطبري، وروى أشهب، عن مالك، أن ما أدرك فهو آخر صلاته، وهو قول أبي حنيفة والثوري والحسن بن حَيّ، وذكر الطحاوي، عن محمد عن أبي حنيفة أن الذي يقضى هو أول صلاته ولم يحكِ خلافاً. وأما السلف فرُوي عن عمر وعليّ وأبي الدرداء: ما أدركتَ فاجعله آخر صلاتك، وليست الأسانيد عنهم بالقوية، وعن ابن عمر ومجاهد وابن سيرين مثل ذلك، وصحَّ عن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومكحول وعطاء والزهري والأَوْزاعي وسعيد بن عبد العزيز ما أدركت فاجعله أول صلاتك، واحتجَّ القائلون بأن ما أُدرك فهو أول صلاته بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "ما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا"، قالوا: والتمام هو الآخر، واحتجَّ الآخرون بقوله: "وما فاتكم فاقضوا"، فالذي يقضيه هو الفائت، كذا في "الاستذكار".