للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٤ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ الإِقامة وَهُوَ بِالْبَقِيعِ فأَسْرَعَ الْمَشْيَ (١) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا (٢) لا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُجْهِدْ نفسَه (٣) .


(١) قوله: فأسرع المشي، وروُي عنه أنه كان يهرول إلى الصلاة، وعن ابن مسعود أنه قال: لو قرأت: {فَاسْعَوْا إلى ذِكرِ اللَّهِ} لسَعَيْتُ حتى يسقط ردائي، وكان يقرأ: {فَامْضُوا إلى ذِكْرِ اللَّهِ} ، وهي قراءة عمر أيضاً. وعن ابن مسعود أيضاً: أحق ما سَعَيْنا إليه الصلاة. وعن الأسود بن يزيد وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن يزيد، أنهم كانوا يهرولون إلى الصلاة.
فهؤلاء كلهم ذهبوا إلى أنَّ من خاف فوت الوقت سعى، ومن لم يخف مشى على هيأة، وقد رُوي عن ابن مسعود خلاف ذلك، أنه قال: إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فأتمّوا، وروى عنه أبو الأحوص، أنه قال: لقد رأيتُنا وإنا لنقارب بين الخطا. وروى ثابت، عن أنس، قال: خرجت مع زيد بن ثابت، إلى المسجد، فأسرعت المشي فحبسني. وعن أبي ذرّ، قال: إذا أقيمت الصلاة فامشِ إليها كما كنت تمشي فصلِّ ما أدركت واقضِ ما سبقك.
وهذه الآثار كلها مذكورة بطرقها في "التمهيد" وقد اختلف السلف في هذا الباب كما ترى، وعلى القول بظاهر حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الباب جمهور العلماء وجماعة الفقهاء، كذا في "الاستذكار".
(٢) أي الإِسراع.
(٣) قوله: ما لم يُجهد نفسه، أي: لا يكلف نفسه ولا يحمل عليه مشقة، ويشير بقوله لا بأس به إلى الجواز وإلى أن النهي عن الإِتيان ساعياً في الحديث المرفوع ليس نهي تحريم بل نهي استحباب إرشاداً إلى الأليق الأفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>