للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وههنا أبحاث: الأول: مطالبته إسناد ما نقلوه عن مجاهد من أنه صحب عشر سنين، ولم يرَ ابن عمر فيها يرفع يديه إلاَّ في التكبير الأول.
والثاني: المعارضة بخبر طاووس وغيره من الثقات أنهم رأوا ابن عمر يرفع.
والثالث: أن في طريق الطحاوي أبو بكر بن عيّاش، وهو متكلَّم فيه لا توازي روايته رواية غيره من الثقات. قال البيهقي في كتاب "المعرفة" بعد ما أخرج حديث مجاهد من طريق ابن عيّاش، قال البخاري: أبو بكر بن عياش اختلط بآخره، وقد رواه الربيع وليث وطاووس وسالم ونافع وأبو الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم قالوا: رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبَّر، وإذا رفع، وكان يرويه أبو بكر قديماً، عن حصين عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً موقوفاً أن ابن مسعود كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يرفعهما بعد، وهذا هو المحفوظ عن أبي بكر بن عيّاش، والأول خطأ فاحش لمخالفته الثقات عن ابن عمر. انتهى.
فإن قلت آخذاً من "شرح معاني الآثار" أنه يجوز أن يكون ابن عمر فعل ما رآه طاووس قبل أن يقوم الحجة بنسخه، ثم لمّا ثبت الحجة بنسخه عنده تركه، وفَعَل ما ذكره مجاهد، قلتُ: هذا مما لا يقوم به الحجة، فإن لقائل أن يعارِض ويقول: يجوز أن يكون فعل ابن عمر ما رواه مجاهد قبل أن تقوم الحجة بلزوم الرفع، ثم لما ثبتت عنده التزم الرفع على أن احتمال النسخ احتمال من غير دليل، فلا يُسْمعْ. فإن قال قائل: الدليل هو خلاف الراوي مرويَّه، قلنا: لا يوجب ذلك النسخ كما مرّ.
والثالث: وهو أحسنها أنا سلَّمنا ثبوتَ الترك عن ابن عمر لكن يجوز أن يكون تركه لبيان الجواز، أو لعدم رؤيته الرفع سنَّة لازمة، فلا يقدح ذلك في ثبوت الرفع عنه، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرابع: أن ترك الراوي مرويّه إنما يكون مسقطاً للاحتجاج عند الحنفية إذا كان خلافُه بيقين، كما هو مصرَّح في كتبهم وههنا ليس كذلك، لجواز أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>