للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَتَعْدِلُ ثُلُثَ (١) القرآن".


ثوابها يضاعف بقدر ثلث القرآن، فعلى الأول لا يلزم من تكريرها استيعاب القرآن وختمه وعلى الثاني يلزم، وقال ابن عبد البر: من لم يتأوَّل هذا الحديث أخلص ممن اختار الرأي، وإليه ذهب أحمد وإسحاق، فإنهما حَمَلا الحديث على أن معناه أن لها فضلاً في الثواب تحريضاً على تعلُّمها لا أن قراءتها ثلاث مرات كقراءة القرآن، قال: وهذا لا يستقيم ولو قرأها مائتي مرة، كذا في "مرقاة المفاتيح" (٤/٣٤٩، وانظر: فتح الباري ٨/٦٠) .
(١) قوله: ثلث القرآن، قد وقع النزاع بين طَلَبَتي المستفيدين مني بحضرتي سنة إحدى وتسعين بعد الألف والمائتين في أنه إذا قرأ سورة الإخلاص هل يجد ثواب قراءة تمام القرآن؟ فقال بعضهم: نعم، مستنداً بهذا الحديث، ورده بعضهم بأن جميع الأثلاث إنما يبلغ إلى الواحد التام إذا كانت من جنس واحد، وإلا فلا، وليس في الحديث تصريح بشيء من ذلك، فحضروا لديّ سائلين تحقيق الحق في ذلك، فقلت: قد صرّح جمع من الفقهاء والمحدثين بذلك فقالوا: غرضنا أنه هل يُستنبط ذلك من هذا الحديث أم لا؟ فقلت: إن كانت الثلثية معللة باشتمالها على ثلث معاني القرآن، وهو التوحيد كما هو رأي جماعة. فلا دلالة لهذا الحديث على حصول ثواب ختم القرآن بالتثليث لأن التثليث حينئذٍ يكون تثليثاً لآيات التوحيد فقط ولا يشتمل على ما (في الأصل: "ما في القرآن"، والصواب: "على ما في القرآن") في القرآن، وإن حُمل ذلك على كون ثوابه بقدر ثواب ثلث القرآن مع قطع النظر عن ما ذكر يمكن ثواب الختم التام بالتثليث، فانقطع النزاع منهم. ثم وجدت في "معجم الطبراني الصغير "أنه أخرج عن أحمد بن محمد البزار الأصبهاني، نا الحسن بن علي الحلواني، نا زكريا بن عطية، نا سعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم، حدثني عمي سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ {قل هو الله أحد} بعد صلاة الصبح اثني عشر مرة، فكأنما قرأ القرآن أربع مرات، وكان أفضل أهل الأرض يومئذٍ إذا اتقى، فصار هذا أدل على المقصود قاطعاً للنزاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>