للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا (١) عَجِلَ (٢) بِهِ السَّيْر جَمَعَ (٣) بَيْنَ المغرب والعشاء.


(١) قوله: إذا عجل به السير، أورد البخاري في الباب ثلاثة أحاديث: حديث ابن عمر وهو مقيد بما إذا جدَّ به السير، وحديث ابن عباس، وهو مقيَّد بما إذا كان سائراً، وحديث أنس وهو مطلق، واستعمل البخاري الترجمة المطلقة إشارة إلى العمل بالمطلق، فكأنه رأى جواز الجمع بالسفر سواء كان سائراً أم لا، كان سيره مجدّاً أم لا. وهذا مما وقع الاخلاف فيه، فقال بالإطلاق كثير من الصحابة والتابعين، ومن الفقاء الثوريّ والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال قوم: لا يجوز الجمع مطلقاً إلاَّ بعرفة والمزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه، وأجابوا عما ورد من الأحاديث في ذلك بأن الذي وقع جَمْع صوري، وتعقَّبه الخطّابي وغيره بأن الجمع رخصة، فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيِّقاً، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلاً عن العامة، وقيل: يختص الجمع بمن يجدُّ في السير، قاله الليث وهو القول المشهور عن مالك، وقيل: يختص بالسائر دون النازل، وهو قول ابن حبيب، وقيل: يختص بمن له عذر، حُكِي ذلك عن الأوزاعي، وقيل: يجوز جمع التأخير دون التقديم، وهو مروي عن مالك وأحمد، واختاره ابن حزم، كذا في "فتح الباري".
(٢) بفتح العين وكسر الجيم، أسرع وحضر، ونسبة الفعل إلى السير مجاز، تعلَّق به من اشترط في الجمع الجدّ في السير، وردّه ابن عبد البر بأنه إنما حكى الحال التي رأى ولم يقل لا يجمع إلا أن يجدّ به.
(٣) قوله: جمع بين المغرب والعشاء، جمع تأخير، ففي "الصحيح" من رواية الزهري، عن سالم عن أبيه: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينهما. وبيَّنه مسلم من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر بعد أن يغيب الشفق. ولعبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، وموسى بن عقبة، عن نافع: فأخَّر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>