للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ إلاَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ (١) بعرَفَةَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بمُزدلفة، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

قال محمد: بَلَغَنا عن عمر بن الخطاب أَنَّهُ كَتَبَ فِي الآفَاقِ (٢) يَنْهَاهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، وَيُخْبِرُهُمْ أنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي وَقْتٍ واحدٍ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ. أَخْبَرَنَا بذلك الثقات (٣) عن العلاء بن


"تهذيب التهذيب"، وقال: حديثُهُ من جمع بين صلاتين الحديث لا يُتابع عليه ولا يُعرف إلا به ولا أصل له وقد صحَّ عن ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الظهر والعصر. انتهى. ومنها ما أخرجه الحاكم، عن أبي العالية، عن عمر قال: جَمعُ الصلاتين من غير عذر من الكبائر، قال: وأبو العالية لم يسمع عن عمر، ثم أسند عن أبي قتادة أن عمر كتب إلى عامل له: ثلاث من الكبائر الجمع بين الصلاتين إلاّ من عذر والفرار من الزحف ... الحديث، قال: وأبو قتادة أدرك عمر فإذا انضمَّ هذا إلى الأول صار قوياً. وأجاب المجوِّزون للجمع عن حديث ابن عباس وأثر عمر أنه على تقدير صحتهما لا يضرّنا، فإنهما يدلان على المنع من الجمع من غير عذر والعذر قد يكون بالسفر وقد يكون بالمطر وبغير ذلك ونحن نقول به إلاّ أن هذا لا يتمشّى في ما ذكره محمد ههنا من أثر عمر، فإنه ليس فيه التقييد بالعذر، وقالوا أيضاً: من عرَض له عذر يجوز له الجمع إذا أراد ذلك وأما إذا لم يكن له ذلك ولم يُرد الجمع بل ترك الصلاة عمداً إلى أن دخل وقت الأخرى فهو إثم بلا ريب وبه يجتمع الأخبار والآثار. والكلام في هذا المقام طويل ليس هذا موضعه، والقدر المحقق هو ثبوت الجمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة السفر ولعذر فليتدبَّر.
(١) لورود جمع التقديم بعرفة وجمع التأخير بمزدلفة بالأحاديث الصحيحة.
(٢) أي: أطراف مملكته.
(٣) أي: الرواة العدول.

<<  <  ج: ص:  >  >>