(٢) قوله: فلم يمنعني ... إلخ، ظاهره أنه كان يحب أن يصلي بالناس في ليالي رمضان على الدوام، ولم يمنعه إلاَّ خشية أن يُفرض عليهم، فاستُفيدت منه المواظبة الحُكمية وإن لم توجد المواظبة الحقيقية، ومدار السنية المواظبة مطلقاً فيكون قيام رمضان سنَّة مؤكدة (اختلف العلماء في كونها سنة أو تطوعاً، والراجح عند الأئمة الأربعة كونها سنَّة مؤكدة لمواظبة الخلفاء الراشدين للرجال والنساء إجماعاً. وذكر في "الاختيار" أن أبا يوسف سأل أبا حنيفة عنها وما فعله عمر، فقال: التراويح سنَّة مؤكدة، لم يتخرَّصه عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مبتدعاً، ولم يأمر به إلاَّ عن أصلٍ لديه، وعهدٍ من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أوجز المسالك ٢/٢٩٣) . وعليه جمهور أصحابنا وجمهور العلماء. وأما ما نقله بعض أصحابنا أن التراويح مستحب، فهو مخالف للدراية والرواية، وبهذا بعينه يثبت استنان الجماعة في التراويح واستنان التراويح في جميع الليالي خلافاً لما قاله بعض الفقهاء: إن السنَّة هو التراويح بقدر ختم القرآن، وبعده يبقى مستحباً، وقد حققت كلَّ ذلك مع ما له وما عليه بتحقيقٍ أنيق في رسالتي "تحفة الأخيار في إحياء سنَّة سيِّد الأبرار". (٣) قوله: أن يُفرَض عليكم، قال الباجي: قال القاضي أبو بكر: يحتمل أن يكون الله أوحى إليه أنه إن واصل هذه الصلاة معهم فَرَضَها عليهم، ويحتمل أنه ظنَّ أن ذلك سيُفرض عليهم لما جرت عادَتُهُ بأنَّ ما داوم عليه على وجه الاجتماع من القُرَبِ فُرِض على أمته، ويحتمل أن يريد بذلك أنه خاف أن يظن أحد من أمته بعده إذا داوم عليه وجوبَها. (٤) صلاة الليل فتعجزوا عنها كما في رواية يونس عند مسلم.