للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَيَنْبَغِي (١) لِمَنْ جَعَلَ الْمَغْرِبَ وِتْرَ صَلاةِ النَّهَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَكُونُ وِتْرُ صَلاةِ اللَّيْلِ مِثْلَهَا، لا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِتَسْلِيمٍ، كَمَا لا يَفْصِلُ فِي الْمَغْرِبِ بِتَسْلِيمٍ (٢) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رحمه الله -.


(١) قوله: وينبغي لمن جعل ... إلخ، هذا استدلال من المؤلف على مذهبه من أن الوتر ثلاث لا يُفصل بينهن بتسليم بأن ابن عمر حكم على صلاة المغرب بأنه وتر صلاة النهار، وغرضه منه تشبيه وتر الليل بصلاة المغرب التي هي وتر النهار، وقد أوضح ذلك ما أخرجه الطحاوي عن عقبة بن مسلم قال: سألت ابن عمر عن الوتر؟ فقال: أتعرف وتر النهار؟ فقلت: نعم، صلاة المغرب، فقال: صدقت وأحسنت. فمقتضى هذا التشبيه (قال ابن رشد: فإن لأبي حنيفة أن يقول: إنه إذا شُبِّه شيء بشيْء وجُعل حكمهما واحداً كان المشبَّه به أحرى أن يكون بتلك الصفة فلما شبهت المغرب بوتر الليل وكانت ثلاثاً وجب أن يكون وتر الليل ثلاثاً. انظر الأوجز ١/٣٧٠) أن يكون وتر الليل ثلاث ركعات بتسليم واحد، كصلاة المغرب هذا، وأقول: فيه نظر، فإن المعروف من فعل ابن عمر أنه كان يصلي الوتر ثلاث ركعات، ويفصل بالسلام على رأس الركعتين، كما مرَّ معنا، ذكره في (باب صلاة الليل) . وأخرجه المؤلف أيضاً من طريق مالك في (باب السلام في الوتر) في ما سيأتي، فذلك دليل على أنه لم يُرِد بقوله: (صلاة المغرب وتر صلاة النهار) تشبيه وتر الليل بوتر النهار في جملة الأحكام، بل في التثليث فقط لا في عدم الفصل بين السلام، فلو استدل المؤلف به على التثليث فقط مع قطع النظر عن الفصل بسلام لكان أبهى وأحسن.
(٢) على رأس الركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>