للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ مَالِكُ (١) بْنُ أَنَسٍ لا يَرَى (٢) فِيهَا سجدة.


يسجدون فيها، فدلَّ هذا على أن الناس تركوه، وجرى العمل بتركه. وردَّه ابن عبد البر بما حاصله، أي عمل يَّدعى مع مخالفة المصطفى والخلفاء بعده (انظر شرح الزرقاني ٢/٢٠، وبسط الكلام في ذلك في أوجز المسالك ٤/١٣٩) .
(١) قوله: مالك، وسلفه في ذلك ابن عمر وابن عباس فإنهما قالا: ليس في المفصَّل سجدة، أخرجه عبد الرزاق في "مصنَّفه".
(٢) قوله: لا يرى فيها سجدة، أي: في سورة {انشقت} بل لا في المفصّل مطلقاً، كما صرَّح به حيث قال: الأمر عندنا أنَّ عزائم السجود إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصَّل منها شيء، وبه قال الشافعي في القديم، ثم رجع عنه، ذكره البيهقي، وحجَّتهم حديث زيد بن ثابت، قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلَّم "والنجم"، فلم يسجد فيها، أخرجه الشيخان وغيرهما. وأجاب الجمهور عنه بأنه لعله تركه في بعض الأحيان لبيان الجواز فإن سجود التلاوة ليس بواجب كما يشهد به قول عمر: من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وقول ابن عمر: إن الله لم يفرض السجود إلاَّ أن نشاء، أخرجهما البخاري وغيره. هذا على قول من قال باستحباب السجود، أو سنّيته، وأما على رأي من قال بالوجوب كأصحابنا الحنفية، فيجاب عن حديث زيد بأن وجوب السجدة ليس حتماً في الفور، فلعله أخَّره النبي صلى الله عليه وسلَّم ولم يسجد في الفور لبيان ذلك، وليس في الحديث بيان أنه لم يسجد بعد ذلك أيضاً، وقد ثبت سجود النبي صلى الله عليه وسلّم في سورة النجم، من حديث ابن مسعود عند البخاريّ وأبي داود والنسائي، ومن حديث ابن عباس عند البخاري والترمذي. ومن حديث أبي هريرة عند البزّار والدارقطني بإسناد رجاله ثقات، وثبت السجود في سورة "انشقت" من حديث أبي هريرة عند مالك والبخاري وأبي داود والنسائي وغيرهم. ومن حجَّة المالكية حديث أمّ الدرداء قالت: سجدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إحدى عشرة سجدة ليس فيها شيء من المفصَّل، أخرجه ابن ماجه، وفي سنده متكلَّم فيه مع أن الإثبات مقدَّم على النفي، ومن حجتهم حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>