للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتَدَارُوا (١) إِلَى الْكَعْبَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ فِيمَنْ أَخْطَأَ القِبلة حَتَّى صلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ (٢) ، ثُمَّ عَلِم أَنَّهُ يصلِّي إِلَى غَيْرِ القِبلة فلينحرفْ (٣) إلى القِبلة


(١) قوله: فاستداروا، وقع بيان كيفية التحويل في حديث تويلة بنت أسلم عند ابن أبي حاتم، قالت فيه: فتحوَّل النساء مكان الرجال، والرجال مكان النساء، فصلَّينا السجدتين الباقيتين إلى المسجد الحرام. وتصويره أن الإِمام تحوَّل من مكانه إلى مؤخَّر المسجد، لأن من استقبل القبلة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار كما هو في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف، ولمّا تحوَّل الإِمام تحولت الأرض، وهذا يستدعي عملاً كثيراً في الصلاة، فيحتمل أنه وقع قبل تحريم العمل الكثير، ويحتمل أنه اغتُفر للمصلحة أو لم تتوالَ الخُطا عند التحويل، بل وقعت مفترقة، وفي الحديث دليل على أن حكم الناسخ لا يثبت في حق المكلَّف حتى يبلغه، لأن أهل قباء لم يُؤمروا بالإِعادة مع أن الأمر باستقبال الكعبة وقع قبل صلاتهم، واستنبط منه الطحاوي أن من لم تبلغه الدعوة ولم يمكنه استعلام ذلك فالفرض لا يلزمه، وفيه قبول خبر الواحد (والأوجه أن الخبر كان محتفاً بالقرائن، أفادت القطع عندهم، وهي انتظاره صلى الله عليه وسلّم من قبل ذلك، فقد ورد أنه يدعو وينظر إلى السماء. أوجز المسالك ٤/٩٦) ، كذا في "شرح الزرقاني".
(٢) أي: بعد ما تحرّى فإنه لو صلّى بغير تحرٍّ لم يجز، كذا قالوا (قال الباجي في المنتقى ١/٣٤٠: ظاهر الحديث يدل على أنهم بنوا على ما تقدم من صلاتهم، ولو شرع أحد بصلاته إلى غير القبلة وهو يظنها إلى القبلة ثم تبيَّن له، فإن كان منحرفاً انحرافاً يسيراً رجع إلى القبلة وبنى، وإن كان منحرفاً عنها انحرافاً كثيراً استأنف الصلاة، والفرق بينه وبين أهل قباء أنهم افتتحوا الصلاة إلى ما شرع لهم من القبلة، فلمّا طرأ النسخ في نفس العبادة لم يجز إفساد ما تقدَّم منها على الصحة. اهـ وفي الأوجز ٤/٩٦ لا تفصيل عند الحنفية وتصح صلاته بكل حال ومذهب الشافعية الإعادة مطلقا لمن اجتهد في القبلة فأخطأ كما في الفتح وغيره) .
(٣) كأهل قباء إذا علموا أنهم يصلّون إلى غير القبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>