(١) قوله: ثم غسل، في غسل عمر الاحتلام من ثوبه دليلٌ على نجاسة المني لأنه لم يكن ليشتغل مع شغل السفر بغسل شيء طاهر. ولم يختلف العلماء في ما عدا المني من كل ما يخرج من الذَّكَر أنه نجس، وفي إجماعهم على ذلك ما يدل على نجاسة المنيّ المختلَف فيه، ولو لم يكن له علة جامعة إلاَّ خروجَه مع البول والمذي والودي مخرجاً واحداً لكفَى، وأما الرواية المرفوعة فيه: فروى عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار، عن عائشة: كنت أغسله من ثوب رسول الله (أخرجه البخاري ١/٥٥) . وروى همام والأسود عنها قالت: كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم (سنن ابن ماجه ١/٩٩) . وحديث همام والأسود أثبت من جهة الإِسناد. وأما اختلاف السلف والخلف في نجاسة المني، فرُوي عن عمر وابن مسعود وجابر بن سمرة: أنهم غسلوه، وأمروا بغسله. ومثله عن ابن عمر وعائشة على اختلافٍ عنهما، وقال مالك: غسل الاحتلام واجب، ولا يجزئ عنده وعند أصحابه في المني وفي سائر النجاسات إلاَّ الغسل بالماء، ولا يجزئ فيه الفرك. وأما أبو حنيفة وأصحابه، فالمنيّ عندهم نَجَس، ويجري فيه الفرك على أصلهم في النجاسة، وقال الحسن بن حيّ: تُعاد الصلاة من المني في الجسد وإن قلَّ، ولا تعاد من المني في الثوب، وكان يفتي مع ذلك بفركه عن الثوب. وقال الشافعي: المني طاهر، ويفركه إن كان يابساً، وإن لم يفركه فلا بأس به. وعند أبي ثور، وأحمد، وإسحاق، وداود: طاهر كقول الشافعي، ويستحبون غسله رطباً وفركه يابساً، وهو