للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ مَنْ عَلِمَ (١) ذَلِكَ مِمَّنْ صلَّى خَلْفَ عُمَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يعيدَ الصَّلاةَ كَمَا أَعَادَهَا عُمَرُ لأَنَّ الإِمام (٢) إِذَا فَسَدَتْ صَلاتُهُ فَسَدَتْ صَلاةُ مَنْ خَلْفَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رحمه الله -.


ابن أبي شيبة عن الحارث، عن عليّ في الجنب يصلّي بالقوم، قال: يعيد ولا يعيدون. وروى أحمد عن عثمان صلّى بالناس الفجر، فلما ارتفع النهار، فإذا هو بأثر الجنابة، فقال: كبرت، والله، كبرت، فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا. وبه قال أحمد حكاه الأثرم، وإسحاق وأبو ثور، وأبو داود، والحسن وإبراهيم، وسعيد بن جبير، وقال أبو حنيفة والشعبي وحماد بن أبي سليمان: إنه يجب عليهم الإِعادة أيضاً، وروى عبد الرزاق بسند منقطع عن علي رضي الله عنه مثله، كذا ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (١/٣٦٢. وفي أوجز المسالك ١/٢٩٩: واختلف العلماء فيمن صلّى خلف جنب أو محدث وهو ناسٍ فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة، فقال الأئمة الثلاثة: إن صلاة الإِمام باطلة وصلاتهم صحيحة، وروي عن علي أنهم يعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة وأصحابه، كذا في "المغني") .
(١) وأما من لم يعلم فلا عليه شيء، لأن التكليف بحسب الوسع.
(٢) قوله: لأن الإِمام....إلى آخره، تعليل لطيف على مدَّعاه بأن الإِمام إذا فسدت صلاته فسدت صلاة المؤتم، لأن الإِمام إنما جُعل ليؤتم به، والإِمام ضامن لصلاة المقتدي كما ورد به الحديث، فصلاة المقتدي مشمولة في صلاة الإِمام، وصلاة الإِمام متضمِّنة لها بصحتها، وفسادها بفسادها، فإذا صلّى الإِمام جنباً لم تصح صلاته، لفَوات الشرط، وهي متضمِّنة لصلاة المؤتَمِّ، فتفسد صلاته أيضاً، فإذا عَلم ذلك يلزم عليه الإِعادة، ويتفرَّع عليه أنه يلزم الإِمام إذا وقع ذلك أن يُعلمهم به ليعيدوا صلاتهم، ولو لم يُعلمهم لا إثم عليهم، وهذا التقرير واضح قويٌّ إلاَّ أن يدلَّ دليل أقوى منه على خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>