مقدمة "تنوير الحوالك": قال الحافظ صلاح الدين العلائي: روى الموطأ عن مالك جماعات كثيرة، وبين رواياتهم اختلاف في تقديم وتأخير، وزيادة ونقص، وأكثرها زيادةً رواية القعنبي، ومن أكبرها وأكثرها زيادة رواية أبي مصعب، فقد قال ابن حزم: في موطأ أبي مصعب زيادة عن سائر الموطآت نحو مائة حديث، وقال الغافقي في "مسند الموطأ" أي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الفقيه المالكي، المتوفي سنة إحدى وثمانين بعد ثلاث مائة (تزين الممالك ص ٤٨، الديباج المذهب ص ١٤٨) : اشتمل كتابنا هذا على ستة مائة حديث وستة وستين حديثا، وهو الذي انتهى إلينا من مسند موطأ مالك، وذلك أني نظرت الموطأ من ثنتي عشرة رواية رويت عن مالك وهي رواية عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن مسلمة القعبني، وعبد الله بن يوسف التّنيسي، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عفير، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، ومصعب عبد الله الزبيري، ومحمد بن المبارك الصوري، وسليمان بن برد، ويحيى بن يحيى الأندلسي، فأخذت الأكثر من رواياتهم، فذكرت اختلافهم في الحديث والألفاظ، وما أرسله بعضهم، أو أوقفه، وأسنده غيرهم، وما كان من المرسل اللاحق بالمسند وعدة رجال مالك الذين روى عنهم في هذا المسند خمسة وتسعون، وعدة من روي له فيه من رجال الصحابة خمسة وثمانون رجلاً، ومن نسائهم ثلاث وعشرون إمرأ ةً، ومن التابعين ثماني وأربعون رجلاً، كلهم من أهل المدينة إلا ستة رجالٍ: أبو الزبير من أهل مكة، وحميد الطويل وأيوب السختياني من أهل البصرة، وعطاء بن عبد الله من أهل خراسان، وعبد الكريم من أهل الجزيرة، وإبراهيم بن أبي عبلة من أهل الشام،. هذا كله كلام الغافقي.
قلت: وقد وقفت على الموطأ من روايتين أخريين سوى ما ذكره الغافقي، أحدهما: رواية سويد بن سعيد، والأخرى برواية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وفيها أحاديث يسيرة زائدة على سائر الموطآت، منها حديث "إنما الأعمال بالنية"، وبذلك تبين صحة قول ما عزا روايتة إلى الموطّأ، ووهم من