(١) قوله: لا بأس ... إلى آخره، هذا الذي ذكره هو طريق الجمع بين الأخبار والآثار المختلفة، فإن بعضها تدل على الجواز، وبعضها على الامتناع، وبعضها على الفرق بين الشاب والشيخ. فمنها حديث عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها، وحديث زيد بن أسلم عن عطاء، المذكُورَيْن في الباب، وهما يدلاّن على الجواز مطلقاً من غير فرق بين الشاب والشيخ، وأثر ابن عمر المذكور في الباب يدل على المنع مطلقاً، وحديث عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقبّل نساءه وهو صائم المخرَّج في الصحيحين وغيرهما يدل على الجواز، وحديث أبي هريرة عند أبي داود نصّ في الفرق، وقال مالك في "الموطأ": قال عروة بن الزبير: لم أرَ القُبلة للصائم تدعو إلى خير، وأخرج عن ابن عباس أنه رخَّص للشيخ وكرهها للشاب، وروى البيهقي بسند صحيح عن عائشة: أنه صلّى الله عليه وسلّم رخّص في القبلة للشيخ وهو صائم، ونهى الشاب وقال: الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه، وأجمع أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن عمر أنه قال: هششتُ فقبلت وأنا صائم؟ فقلت: يا رسول الله صنعتُ اليوم أمراً عظيماً قبّلتُ وأنا صائم، قال: أرأيتَ لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس به، قال: فَمَهْ، وأخرج مالك أن سعد بن أبي وقاص وأبا هريرة كانا يرخِّصان في القبلة للصائم،