فثبت بفعل من ذكرنا لموافقتهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انتهى. (١) روى البيهقي من حديث الفضل: فلم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلبِّي حتى رمي جمرة العقبة وكبَّر مع كل حصاة. قال البيهقي: تكبيره مع أول كل حصاة دليل على قطع التلبية بأول حصاة. انتهى. (٢) قوله: فعند ذلك يقطع التلبية، به قال الشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم إلا أن بعض الشافعية قالوا: يقطعها بعد تمام الرمي، لما روى ابن خزيمة عن الفضل قالت: أفضتُ مع النبي صلّى الله عليه وسلّم من عرفات، فلم يزل يلبِّي حتى رمى جمرة العقبة، فكبّر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة، قال ابن خزيمة: هذا حديث صحيح مفسِّر لما أبهم في الروايات الأخرى، كذا في "فتح الباري" وفيه أيضاً قالت طائفة: يقطعها المحرم إذا دخل الحرم وهو مذهب ابن عمر لكن كان يعاود التلبية إذا خرج من مكة إلى عرفة، وقالت طائفة يقطعها إذا راح إلى الموقف، وهو مروي عن عائشة وسعد بن أبي وقاص وعليّ بأسانيد صحيحة. وبه قال مالك، وقيَّده بزوال الشمس يوم عرفة، وهو قول الأوزاعي والليث. وأشار الطحاوي إلى أنّ كلّ من رُوي عنه ترك التلبية من يوم عرفة محمول