للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمْرَةَ بِأَوَّلِ (١) حَصَاةٍ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ، فَعِنْدَ ذلك (٢) يقطع التلبية.


ذلك بتهليل وتكبير. ثم أخرج عن ابن عباس: كان أسامة بن زيد رِدْف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عرفة إلى المزدلفة. ثم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى، فكلاهما قالا: لم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلبِّي حتى يرمي جمرة العقبة. ثم أخرج عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حججتُ مع الأسود، فلمّا كان يوم عرفة وخطب ابن الزبير بعرفة، فلما لم يسمعه يلبِّي صعد إليه الأسود، فقال: ما يمنعك أن تلبِّي؟ قال: ويلبِّي الرجل إذا كان في مثل مقامي؟ قال الأسود: نعم، سمعتُ عمر بن الخطاب يلبِّي في مثل مقامك، فلبَّى ابن الزبير. ثم قال الطحاوي: ففي هذه الآثار أن عمر كان يلبِّي بعرفة وهو على المنبر وأن عبد الله بن الزبير فعل ذلك، وبعده ابن مسعود.
فثبت بفعل من ذكرنا لموافقتهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انتهى.
(١) روى البيهقي من حديث الفضل: فلم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلبِّي حتى رمي جمرة العقبة وكبَّر مع كل حصاة. قال البيهقي: تكبيره مع أول كل حصاة دليل على قطع التلبية بأول حصاة. انتهى.
(٢) قوله: فعند ذلك يقطع التلبية، به قال الشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم إلا أن بعض الشافعية قالوا: يقطعها بعد تمام الرمي، لما روى ابن خزيمة عن الفضل قالت: أفضتُ مع النبي صلّى الله عليه وسلّم من عرفات، فلم يزل يلبِّي حتى رمى جمرة العقبة، فكبّر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخرها حصاة، قال ابن خزيمة: هذا حديث صحيح مفسِّر لما أبهم في الروايات الأخرى، كذا في "فتح الباري" وفيه أيضاً قالت طائفة: يقطعها المحرم إذا دخل الحرم وهو مذهب ابن عمر لكن كان يعاود التلبية إذا خرج من مكة إلى عرفة، وقالت طائفة يقطعها إذا راح إلى الموقف، وهو مروي عن عائشة وسعد بن أبي وقاص وعليّ بأسانيد صحيحة. وبه قال مالك، وقيَّده بزوال الشمس يوم عرفة، وهو قول الأوزاعي والليث. وأشار الطحاوي إلى أنّ كلّ من رُوي عنه ترك التلبية من يوم عرفة محمول

<<  <  ج: ص:  >  >>