أحدها: وهو أقواها أنه قد رُوي عن ميمونة وهي صاحب القصة أنها تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال. وفي رواية: تزوجني ونحن حلالان بسرف. وفي رواية: بعد أن رجعنا من مكة، أخرجه أبو داود والترمذي ومسلم وأبو يعلى وغيرهم، ولاشك أن صاحب القصة أدرى بحاله من ابن أخته. وثانيها: أنه لو كان كون ابن عباس ابن أخت ميمونة مرجِّحاً، فكذلك يزيد بن الأصم ابن أختها، وهو روى أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً. وابن عباس وإن كان أعلم منه وأفضل منه لكنهما يتساويان في القرابة، ورواية يزيد أخرجها الطحاوي وغيره. وثالثها: أن أبا رافع مولى رسول الله أخبر أنه تزوّجها وهو حلال وكان سفيراً بينهما، كما أخرجه الترمذي وحسّنه وأحمد وابن حبان وابن خزيمة. ولاشك أن الرسول في واقعة أدرى بها من غيره. ورابعها: أن أبا داود أسند عن سعيد بن المسيب أن ابن عباس وهم في أنه تزوجها وهو محرم. وخامسها: أنه لا شك أنّ تزويج ميمونة كان في عمرة القضاء، وإنما اختُلف في أنه كان ذاهباً إلى مكة فيكون في حالة الإحرام، أو راجعاً منها فيكون في حالة الإحلال، وابن عباس كان إذ ذاك صغيراً لم يبلغ مبلغ الرجال، فلا يبعد وهمه وقلة حفظه لهذه الواقعة لصغره، وليس فيه حطّ لشأنه بل بيان لدفع استبعاد وهمه لا سيما إذا خالفه أبو رافع وميمونة. وسادسها: أنه على تقدير صحة روايته يمكن أن يكون معنى قوله مُحرماً أي في الحرم فإن المحرم يستعمل في عرفهم في هذا المعنى أيضاً، وفيه بُعد، كما يشهد به رواية البخاري: تزوّجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال.