محمد بن أحمد بن بيرى، مفتي مكة، أحد أكابر الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين، ومن تبحَّر في العلم وتحرَّى في نقل الأحكام وحرَّر المسائل، وانفرد في الحرمين بعلم الفتوى، وجدَّد من مآثر العلم مادثَر، له الهمة العلية في الانهماك على مطالعة الكتب، سارت بذكره الرُّكبان بحيث إن علماء كل إقليم يشيرون إلى جلالته، أخذ عن عمِّه العلاّمة محمد بن بيرى، وعبد الرحمن المرشدي، وغيرهما، وأخذ الحديث عن ابن علان، وأجازه كثير من المشائخ، وله مؤلفات ورسائل تنيف على السبعين، منها حاشية على الأشباه والنظائر، سمّاه "عمدة ذوي البصائر"، وشرح الموطَّأ رواية محمد بن الحسن (في مقدمة أوجز المسالك (١/٥٣) قلت: وقد رأيت هذا الشرح الوجيز في البلدة الطاهرة الطيبة، سمي بالفتح الرحماني، أكثر فيه الأخذ عن العلامة العيني، وقد أخذت منه في بعض المواضع، وهو موجود في المكتبة المحمودية بالبلدة الطاهرة بخط المؤلف) في مجلدين، وشرح تصحيح القدوري للشيخ قاسم، وشرح "المنسك الصغير" لملاّ علي القاري رحمه الله، ورسالة في جواز العمرة في أشهر الحج، وشرح منظومة ابن الشحنة في العقائد، والسيف المسلول في دفع الصدقة لآل الرسول، ورسالة في المنسك والزيارة، وأخرى في جمرة العقبة، وأخرى في الإشارة في التشهد، ورسالة في بيض الصيد إذا أدخل الحرم، ورسالة جليلة في عدم جواز التلفيق ردّ فيها على عصريِّة مكي بن فروخ وغير ذلك، وكانت ولادته في المدينة المنورة في نيِّف وعشرين وألف، وتوفي يوم الأحد سادس عشر شوال سنة تسع وتسعين وألف، ودُفن بمعلاة قرب السيدة خديجة وكان قلقاً من الموت، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول له: يا إبراهيم مت، فإن لك بي أسوة حسنة، فقال: يارسول الله على شرط أن يُكتب لي ثواب الحج في كل سنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك ذلك. انتهى ملخَّصاً.
- ومنهم: صاحب العلم الباهر والفضل الظاهر الشيخ علي القاري الهروي ثم المكي (خلاصة الأثر ٣/١٨٦، سمط النجوم ٤/٣٩٤، البضاعة المزجاة لمن يريد مطالعة المرقاة شرح المشكاة، وأفراده الأستاذ خليل إبراهيم قوتلاي بتأليف كتاب "الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث"، طبع في دار البشائر - بيروت - سنة ١٩٨٧ م) ، له شرح على موطَّأ محمد في مجلدين مشتمل على نفائس لطيفة