للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك، فأنت خير لي من أخي، وأخي خير لنفسه منك١".

وقال له مرة: "أنت معنا يا أبا يزيد" قال: "ويوم بدر قد كنت معكم! ".

وقال له يومًا: "إن عليًّا قد قطعك ووصلتك، ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر". قال: "أفعل، فَأُصْعِدَ فصعد، ثم قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "أيها الناس إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" ثم نزل، فقال له معاوية: إنك لم تبين -أبا يزيد- من لعنتَ بيني وبينه. قال: والله لا زدت حرفًا ولا نقصت آخر، والكلام إلى نية المتكلم".

ودخل عقيل على معاوية وقد كف بصره، فأجلسه على سريره، ثم قال له: "أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم" قال: "وأنتم معشر بني أمية تصابون في بصائركم".

وقال له يومًا: ما أبينَ الشَّبَقَ في رجالكم يا بني هاشم! قال: لكنه في نسائكم أبين يا بني أمية.

وقال معاوية يومًا: "يأهل الشام، هل سمعتم قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كتابه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ٢ وَتَبَّ} ؟ قالوا: نعم، قال: فإن أبا لهب عَمُّه، فقال عقيل: فهل سمعتم قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْ حَطَبِ ٣} قالوا: نعم، قال: فإنها عَمَّتُه، ثم


١ وفي البيان والتبيين أن معاوية قال: هذا أبو يزيد، لولا أنه علم أني خير له من أخيه لا أقام عندنا وتركه، فقال له عقيل: "أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي".
٢ هو أبو لهب بن عبد المطلب عم الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان شديد الإيذاء له، يرمي القذر على بابه.
٣ هي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان، وقيل لها حمالة الحطب، لأنها كانت تحمل الشوك والسعدان وتلقيه في طريق النبي عليه الصلاة والسلام؛ إيذاءً له وكانت جارته، أو هو النميمة إذ كانت تسعى عليه بالنمائم وتوقد بذلك نار الخصومة، أو حطب جهنم، فإنها كانت تحمل الأوزار بمعاداته، وتحمل زوجها على إيذائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>