للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩- أعرابي يستجدي عبيد الله بن زياد:

وقال العتبيّ: وقف أعرابي بباب عبيد الله بن زياد فقال:

"يأهل الغَضَارة١، حَقِبَ السّحاب، وانقشَع الرَّبابُ٢، واستأسَدَت الذئاب وَرُدِمَ الثَّمَدُ٣، وقَلَّ الحفَدُ٤، ومات الوَلَدُ، وكنت كثير العُفَاةِ٥، صَخِبَ٦ السُّقَاة، عظيم الدُّلَاة٧ لاتصال الزمان، وغَفَلِ٨ الحِدْثان، حَيَ حِلَال٩، وعدد ومال، فَتَفَرَّقْنا أَيْدِي سَبَا١٠، بين فقد الأبناءِ والآباء وكنت حَسَن الشَّارة١١، خَصِيب الدَّارَة١٢ سَلِيم الجَارَة١٣، وكان مَحَلى حِمًى، وقومي أُسًى١٤، وعزى جَدًا١٥


١ الغضارة: النعمة والسعة والخصب، وفي الأصل: "الغضاضة" وهو تحريف -والغضاضة للذلة والمنقصة.
٢ حقب المطر وغيره: احتبس، والرباب: السحاب الأبيض.
٣ الثمد كشمس وسبب: الماء القليل لا مادة له.
٤ الحفد: الأعوان مع حافد.
٥ العفاة جمع عاف: وهو الوارد والضيف، وكل طالب فضل أو رزق.
٦ وصف منه الصخب بالتحريك وهو شدة الصوت، والسقاة جمع ساق كقاض، وفي الأصل "صحب السفاء" وأراه محرفًا.
٧ في الأصل: "عظيم الزلات" وأراه محرفا عن "الدلاة"، والدلاة كقضاة جمع دال كقاض، وهو النازع في الدلو المستقي به الماء من البئر. يقال: أدليت الدلو ودليتها: إذا أرسلتها في البئر. ودلوتها أدلوها فأنا دال، إذا أخرجتها.
٨ الغفل بالتحريك: الغفلة، والحدثان: نوب الدهر وحوادثه، وفي الأصل: "ولا أعقل الحدثان" وأراه محرفا. وربما كان الأصل "ولإغفال الحدثان" بتكرير لام الجر.
٩ الحلة بالكسر: القوم النالون، والجمع حلال وحلل ككتاب وعنب، وتطلق الحلة على البيوت مجازا تسمية للمحل باسم الحال، وهي مائة بيت فما فوقها.
١٠ يقال: ذهبوا أيدي سبا، وتفرقوا أيدي سبا، وأيادي سبا: أي تبددوا، شبهوا بأهل سبأ لما مزقهم الله في الأرض كل ممزق، فأخذ كل طائفة منهم طريقا على حدة، واليد: الطريق. يقال، أخذ القوم يد بحر، فقيل القوم إذا تفرقوا في جهات مختلفة: ذهبوا أيدي سبا: أي فرقتهم طرقهم التي سلكوها كما تفرق أهل سبأ في مذاهب شتى والعرب لا تهمز سبأ في هذا الموضع، لأنه كثر في كلامهم فاستثقلوا فيه الهمزة وإن كان أصله مهموزًا، وقد بنوا أيدي سبا، وأيادي سبا على السكون لكونه مركبا تركيب خمسة عشر.
١١ الشارة: الهيئة والملباس والزينة والجمال.
١٢ الدارة: الدار.
١٣ الجارة، من معانيها: الزوجة.
١٤ الأسى جمع أسوة: وهي القدوة.
١٥ الجدا: العطية، والمطر الذي لا يعرف أقصاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>