ولما اشتد الحصار عليه أرسل إلى علي وطلحة والزبير، فحضروا، فأشرف عليهم، فقال:
"يأيها الناس: اجلسوا، فجلسوا؛ المحارب والمسالم، فقال لهم: يأهل المدينة، أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار لكم، ويجمعكم على خيركم؟ أتقولون: إن الله لم يستجب لكم، وهنتم عليه، وأنتم أهل حقه؟ أم تقولون: هان على الله دينه، فلم يبالِ من ولى، والدين لم يتفرق أهله يومئذ؟ أم تقولون: لم يكن أخذ عن مشورة، إنما كان مكابرة، فوكل الله الأمة إذ عصته، ولم يشاوروا في الإمامة، أم تقولون: إن الله لم يعلم عاقبة أمري؟ أنشدكم بالله أتعلمون لي من سابقة خير، وقدم خير، قدمه الله لي يحق على كل من جاء بعدي أن يعرفوا لي فضلها؟ فمهلًا لا تقتلوني، فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر بعد إيمانه، أو قتل نفسًا بغير حق، فإنكم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفع الله عنكم الاختلاف أبدًا".