للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٧- خطبته وقد بلغه أن قومًا يفضلونه على أبي بكر:

وبلغه أن قومًا يفضلونه على أبي بكر الصديق، فوثب مغضبًا حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم قال:

"أيها الناس: إني سأخبركم عني وعن أبي بكر، إنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن قلنا له يا خليفة رسول الله: إن رسول الله كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم؛ فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لا طاقة لك بقتال العرب، فقال أبو بكر: أوكلكم رأيه على هذا؟ فقلنا: نعم، فقال: والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير، أحب إلي من أن يكون رأيي هذا، ثم صعد المنبر، فحمد الله وكبره، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على الناس فقال:

"أيها الناس: من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. أيها الناس: أئن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب؟ والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها، ولو كره المشركون، قوله الحق، ووعده الصدق، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين. والله أيها الناس: لو منعوني عقالًا١ لجاهدتهم عليه، واستعنت عليهم الله وهو خير معين". ثم نزل.

"تهذيب الكامل ١: ٨".


١ العقال: زكاة عام من الإبل والغنم، أو المراد به الحبل مبالغة في التشدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>